البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٠٤
مهري إن لم تظلمني فقبل الزوج ذلك ثم طلقها بعد ذلك قال أبو بكر الإسكاف وأبو القاسم الصفار: الهبة فاسدة لأنها تعليق الهبة بالشرط، وهذا بخلاف ما لو قالت وهبت منك مهري على أن لا تظلمني فقبل صحت الهبة لأن هذا تعليق الهبة بالقبول، فإذا قبلت تمت الهبة فلا يعود المهر بعد ذلك، وهو نظير ما لو قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار لا تطلق ما تدخل، ولو قال أنت طالق على دخولك الدار فقال قبلت وقع الطلاق.
وقال محمد ابن مقاتل في مسألة الظلم: مهرها عليه على حاله إذا ظلمها لأن المرأة لم ترض بالهبة إلا بهذا الشرط فإذا فات الشرط فات الرضا: أما الطلاق فالرضا فيه ليس بشرط والدليل على هذا ما ذكر في كتاب الحج إذا تركت المرأة مهرها على الزوج على أن يحج بها فقبل الزوج ذلك ولم يحج بها كان المهر عليه على حاله والفتوى على هذا القول. قال مولانا رضي الله تعالى عنه: ويمكن الفرق بين مسألة الحج وبين مسألة الظلم، ووجه ذلك أن في مسألة الحج لما شرطت الحج بها فقد شرطت نفقة الحح عليه فيكون هذا بمنزلة الهبة بشرط العوض، فإذا لم يحصل العوض لا تتم الهبة. أما في مسألة الظلم شرطت عليه ترك الظلم وترك الظلم لا يصلح عوضا قال مولانا رضي الله تعالى عنه: ثم ذكر في بعض النسخ إذا شرطت عليه أن لا يظلمها فقبل الزوج ثم ضربها وأجابا كما ذكر. وعندي إذا ضربها بغير حق، أما إذا ضربها لتأديب مستحق عليها لا يعود المهر لأن ما كان حقا لا يكون ظلما.
امرأة وهبت مهرها من زوجها ليقطع لها في كل حول ثوبا مرتين وقبل الزوج فمضى حولان ولم يقطع قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل: إن كان ذلك شرطا في الهبة، فمهرها عليه على حاله لأن هذا بمنزلة الهبة بشرط العوض فإذا لم يحصل العوض لا تصح الهبة وإذا لم يكن ذلك شرطا في الهبة سقط مهرها ولا يعود بعد ذلك. وكذا لو وهبت مهرها على أن يحسن إليها ولم يحسن كانت الهبة باطلة ويكون بمنزلة الهبة بشرط العوض. رجل قال لامرأته أبرئيني من مهرك حتى أهب لك كذا فابرأته ثم أبى الزوج أن يهب منها ما قال كان المهر عليه كما كان امرأة وهبت مهرها من زوجها على أن يمسكها ولا يطلقها فقبل الزوج ذلك ثم طلقها قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل: إن لم يكن وقت للامساك وقتا لا
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست