البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢٦٥
وهذا على الأصح من ثبوت الخلاف بينهم، وقد قيل لا خلاف فمنع أبي حنيفة فيما إذا أطلقا السلم في اللحم، وقولهما فيما إذا بينا وإذا حكم الحاكم بجوازه صح اتفاقا، كذا في البزازية. واللحم قيمي فيضمن بالقيمة إذا غصب كما في الجامع الكبير من باب الاستحقاق وعزاه في الصغرى إلى وسط المنتقي. وفي فروق الكرابيسي: يضمن اللحم عند الاتلاف بالقيمة والخبز يضمن بالمثل، ولو اشترى باللحم يثبت دينا في الذمة والخبز كذلك، فالحاصل أن اللحم مع الخبز يستويان في ثبوتهما دينا في الذمة ويفترقان في الضمان فيضمن اللحم بالقيمة والخبز بالمثل. والفرق أن كل واحد منهما وإن كان غذاء لكن الخبز أبين غذاء وأحسن كفا فأظهرنا حكم التفرقة في الضمان والتسوية في الدينية عملا بالشبهين اه‍. وفي التتمة عن اختيار شيخ الاسلام على الأسبيجابي أن اللحم مضمون بالمثل. وفي الظهيرية: وإقراض اللحم عندهما يجوز كما يجوز السلم. وعن أبي حنيفة روايتان واللحم مضمون بالقيمة في ضمان العدوان إذا كان مطبوخا بالاجماع، وإن كان نيأ فكذلك وهو الصحيح. وإن اشترى شيئا بلحم في الذمة ذكر في الإجارات أنه إذا استأجر شيئا بلحم في الذمة جاز وما يصلح أجرة في الإجارة يصلح ثمنا في البيع اه‍.
قوله: (وبمكيال أو ذراع لم يدر قدره) أي لا يصح لاحتمال الضياع فيقع النزاع بخلاف البيع به حالا. قيد بكونه لم يدر قدره لأنهما لو كانا معلومي القدر جاز، ويشترط أن يكون المكيال مما لا ينقبض ولا ينبسط كالقصاع. وأما الجراب والزنبيل فلا يجوز الكيل بهما.
وعن أبي يوسف الجواز بقرب الماء للتعامل وهو أن يشتري من سقاء كذا وكذا قربة من ماء النيل أو غير ذلك مثلا بهذه القربة وعينها جاز البيع وتقتضي القاعدة المذكورة أن لا يجوز إذا عين هذه القربة ولكن بمقدارها، كذا في فتح القدير. وفي القنية: السلم في الماء مختلف فيه، فإن كان موضعا جرت العادة فيه بالسلم وذكر الشرائط صح اه‍ قوله: (وبر قربة أو تمر نخلة معينة) أي لا يجوز لاحتمال أن يعتريهما أفة فلا يقدر على التسليم وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله أرأيت إذا منع الله ثمرة هذا البستان بم يستحل أحدكم مال أخيه؟ فإن معناه أنه لا يستحق بهذا البيع شيئا إن لم يخرج ذلك البستان شيئا فكان في بيع ثمرة هذا البستان غرر الانفساخ فلا يصح بخلاف ما إذا أسلم في حنطة صعيدية أو شامية فإن احتمال أن لا ينبت في الإقليم شئ برمته ضعيف فلا يبلغ الغرر المانع في الصحة، ولذا قيد بالقربة احترازا على الإقليم وتعيين البستان كتعيين النخلة. هذا لو كانت نسبة الثمرة إلى قرية معينة لبيان الصفة لا لتعيين
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست