البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٣٥
يبتنى على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد وهو أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ويبطل لانعدامه، في متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه وينعقد لوجوده ويتخير لفوات الوصف كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب وفي مسألتنا الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض وفي الحيوانات جنس واحد للتقارب فيها وهو المعتبر دون الأصل كالخل والدبس جنسان والوذاري والزنديجي على ما قالوا جنسان مع اتحاد أصلهما، كذا في الهداية. والأصل المذكور لمحمد رحمه الله تعالى متفق عليه هنا ويجري في سائر العقود من النكاح والإجارة والصلح عن دم العمد والخلع والعتق على مال والبيع في مسألة الكتاب باطل لعدم المبيع، وبه ظهر أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان فقها وإن اتحدا جنسا في المنطق لأنه الذاتي المقول على كثيرين مختلفين بمميز داخل، والجنس في الفقه المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا فالجنسان ما يتفاوت الغرض منهما فاحشا بلا نظر إلى الذاتي. والوذاري بفتح الواو وكسرها وإعجام الذال ثم راء مهملة نسبة إلى وذار قرية من قرى سمر قند. والزنديجي بزاي ثم نون ثم دال مهملة ثم ياء ثم جيم نسبة إلى زندنه بفتح الزاي والنون الأخيرة والجيم زيدت على خلاف القياس مع اتحاد أصلهما، هكذا ذكر صاحب الهداية عن المشايخ. قال في فتح القدير: ومن المختلفي الجنس ما إذا باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل، ولو باعه ليلا على أنه ياقوت أحر فظهر أصفر صح ويخير كما إذا باع عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب، هكذا ذكر المصنف وإن كانت صناعة الكتابة أشرف عند الناس من الخبز وكان المصنف ممن لا يفرق من المشايخ بين كون الصفة التي ظهرت خيرا من الصفة التي عينت أولا في ثبوت الخيار كما أطلق في المحيط ثبوت الخيار. وذهب آخرون منهم صدر الاسلام وظهير الدين إلى أنه إنما يثبت إذا كان الموجود أنقص وصحح الأول فوات غرض المشتري وكان مستند المفصلين ما تقدم فيمن اشترى عبدا على أنه كافر فإذا هو مسلم لا خيار له لأنه خير مما عين. وقد يفرق بأن الغرض وهو استخدام العبد بما لا يليق به لا يتفاوت بين مسلم وكافر من الزراعة وأمورها أو التجارة وأمورها بخلاف تعيين الخبز أو الكتابة فإنه يفيد أن حاجته التي لأجلها اشترى هي هذا الوصف اه‍. وقد ظهر من كلامهم أن من اشترى فصوصا ثم اختلفا فال المشتري شرطت لي ياقوتا وأنكره البائع أنه إن كان مظهر من خلاف جنس الياقوت تحالفا وفسخ البيع لأن الاختلاف في جنس المبيع، وإن كان ما ظهر من جنسه وإنما الفائت الوصف، فإن
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست