ولأنه لا يقدر على تسليمه، ولو باعه ثم عاد من الإباق لا يتم ذلك العقد لأنه وقع باطلا لانعدام المحلية كبيع الطير في الهواء. وعن أبي حنيفة أنه يتم العقد إذا لم يفسخ لأن العقد انعقد لقيام المالية والمانع قد ارتفع وهو العجز عن التسليم كما إذا أبق بعد البيع، وهكذا يروى عن محمد، كذا في الهداية. والأول ظاهر الرواية وبه كان يفتي أبو عبد الله البلخي كما في الذخيرة، وأولوا تلك الرواية بأن المراد بها انعقاد البيع بالتعاطي الآن. أطلقه فشمل ما إذا باعه لابنه الصغير فإنه لا يجوز، وكذا اليتيم في حجره بخلاف ما إذا وهبه له فإنه يجوز. والفرق أن شرط البيع القدرة على التسليم عقب البيع وهو منتف وما بقي له من اليد يصلح لقبض الهبة لا لقبض البيع لأنه قبض بإزاء مال مقبوض من مال الابن وهذا قبض ليس بإزائه مال يخرج من مال الولد فكفت تلك اليد له نظرا للصغير لأنه لو عاد عاد إلى ملك الصغير، هكذا في فتح القدير والتبيين. وفي فتاوي قاضيخان من الهبة خلافه قال: ولو وهب عبداه الآبق لولده الصغير لا يجوز وإن باعه جاز اه. فقد عكس الحكم على ما نقله الشارحون ولم أر أحدا منهم نبه على هذا، والحق ما ذكره القاضي لما في المعراج: ولو باع الآبق من ابنه الصغير لا يجوز ولو وهبه له أو ليتيم في حجره يجوز لأن ما بقي له من اليد في الآبق يصلح لقبض الهبة دون البيع اه. وأما صاحب الذخيرة فذكر في البيوع أن الأب لو باع العبد المرسل في حاجته لابنه الصغير جاز ولم يذكره في الآبق. وذكر في كتاب الهبة: لو وهب عبدا فله آبقا من ابنه الصغير فما دام مترددا في دار الاسلام تجوز الهبة ويصير الأب قابضا لابنه بنفس الهبة، ذكر هذه المسألة في الجامع، وفي المنتقي عن أبي يوسف: لو تصدق بعبد أبق له على ابنه الصغير لا يجوز، وروى المعلى عنه أنه يجوز فحصل عن أبي يوسف في المسألة روايتان اه. وشمل كلامه أيضا ما إذا باعه بعد ما أبق من يد الغاصب مع أنه جائز منه لما في الذخيرة: وإذا أبق العبد المغصوب من يد الغاصب ثم إن المالك باع العبد من الغاصب وهو آبق بعد فالبيع جائز، والأصل أن الإباق إنما يمنع جواز البيع إذا كان التسليم محتاجا إليه بأن أبق من يد المالك ثم باعه المالك، فأما إذا لم يكن التسليم محتاجا إليه كما في مسألتنا يجوز البيع اه. وقيد بالآبق لأن العبد المرسل في حاجة المولى يجوز بيعه، ولو باعه وليس بآبق ثم أبق قبل القبض فإن المشتري بالخيار في فسخ ذلك العقد ولا يكون للبائع أن يطالب المشتري بالثمن ما لم يحضر العبد اه. وجعل الراد على البائع كما في القنية وخرج أيضا بيع المغصوب فقد ذكر محمد في الأصل أنه موقوف إن أقربه الغاصب تم البيع ولزم،
(١٣٠)