البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٣٣
شراؤه للأساكفة للحاجة، وكره بيعه لعدمها كما أفتى به الفقيه أو الليث، وظاهر كلامهم منع انتفاع به عند عدم الضرورة بأن أمكن الخرز بغيره ولذا قيل: لا ضرورة إلى الخرز به لامكانه بغيره. وكان ابن سيرين يلبس خفا خرز بشعر الخنزير فعلى هذا لا يجوز بيعه ولا الانتفاع به ولذا روي عن أبي يوسف كراهة الانتفاع به إلا أن يقال إن إمكان الخرز بغيره وإن وقع لفرد بسبب تحمله مشقة في خاصة نفسه لا يجوز أن يلزم العموم حرجا مثله، وحيث كان جواز الانتفاع به للضرورة والأصل أن ما ثبت للضرورة يتقدر بقدرها أفتى الإمام أبو يوسف بنجاسته فيتنجس الماء القليل إذا وقع فيه، وطهره محمد لأن جواز الانتفاع به دليلها، والصحيح قول أبي يوسف لما قدمناه، وما ذكر في بعض المواضع من جواز صلاة الخرازين مع شعر الخنزير وإن كان أكثر من قدر الدرهم فهو مخرج على قول محمد بطهارته، وأما على قول أبي يوسف فلا وهو الوجه لأن الضرورة لم تدعهم إلى أن يعلق بهم بحيث لا يقدرون على الامتناع عنه ويجتمع على ثيابهم هذا المقدار قوله: (وشعر الانسان والانتفاع به) أي لم يجز بيعه والانتفاع به لأن الآدمي مكرم غير مبتذل فلا يجوز أن يكون شئ من أجزائه مهانا مبتذلا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله الواصلة والمستوصلة وإنما يرخص فيما يتخذ من الوبر فيزيد في قرون النساء وذوائبهن، كذا في الهداية. وصرح في فتح القدير بأن الآدمي مكرم وإن كان كافرا. والواصلة هي التي تصل الشعر بشعر النساء، والمستوصلة المعمول بها بأذنها ورضاها. ولعن في الحديث النامصة والمتنمصة والنامصة هي التي تنقص الحاجب لتزينه والمتنمصة هي التي يفعل بها قوله: (وجلد الميتة قبل الدبغ) أي لم يجز بيعه لأنه غير منتفع به قال ذلك عليه السلام لا تنتفعوا من الميتة بإهاب وهو اسم لغير المدبوغ فيكون نجس العين بخلاف الثوب والدهن المتنجس فإنها عارضة. قيد بما قبل الدبغ لأنه لو باعه بعده جاز لحل الانتفاع للطهارة ولذا قال: (وبعده يباع وينتفع به) وقيد بالميتة لأن جلد المذكاة يجوز بيعه قبل الدباغة ولحوم السباع وشحومها وجلودها بعد الذكاة كجلود الميتة بعد الدبغ فيجوز بيعها والانتفاع بها ما عدا الاكل لطهارتها بالذكاة إلا جلد الخنزير قوله: (كعظم الميتة وصوفها وعصبها وقرنها ووبرها) أي
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست