البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٤٠
أصحابنا بناء على أصلهم أن العام يعارض الخاص ويطلب منه أسباب الترجيح والمرجح هنا العام وهي النهي عن بيع وشرط لكونه مانعا، وحديث بريرة مبيح فيحمل على ما قبل النهي.
وأما حديث جابر في مسلم من أنه باع جملا للنبي صلى الله عليه وسلم وشرط له ظهره إلى المدينة، فعلى مذهب الشافعي لم يقع الشرط في صلب العقد فلم يفسد، على أصلنا قدم العام الحاظر على الخاص المبيح كما قدمناه. وأشار المصنف بالعتق وما عطف عليه إلى كل شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه منفعة لاحد المتعاقدين أو للمعقود عليه وهو من أهل الاستحقاق ولم يجر العرف به ولم يرد الشرع بجوازه، فلابد في كون الشرط مفسدا للبيع من هذه الشرائط الخمسة، فإن كان الشرط يقتضيه العقد فإنه لا يفسد كشرط أن يحبس المبيع إلى قبض الثمن ونحوه، فإن كان لا يقتضيه لكن ثبت تصحيحه شرعا فلا مرد له كشرط الاجل في الثمن وفي المبيع السلم وشرط الخيار لا يفسده، وإن كان متعارفا كشراء النعل على أن يحذوها البائع أو يشركها فهو جائز، وإن كان ملائما للبيع لا يفسده كالبيع بشرط كفيل بالثمن إذا كان حاضرا وقبلها أو غائبا فحضر وقبل قبل التفرق، وكشرط رهن معلوم بالإشارة والتسمية فإن حاصلهما التوثق للثمن. قيدنا بحضرة الكفيل لأنه لو كان غائبا فحضر وقبل بعد التفرق أو كان حاضرا فلم يقبل لم يجز. وقيدنا بكون الرهن مسمى لأنه لو لم يكن مسمى ولا مشارا إليه لم يجز إلا إذا تراضيا على تعيينه في المجلس ودفعه إليه قبل أن يتفرقا أو يعجل الثمن ويبطلان الرهن، وإذا كان مسمى فامتنع عن تسليمه لم يجير وإنما يؤمر بدفع الثمن، فإن لم يدفعهما خير البائع في الفسخ واشتراط الحوالة كالكفالة. ومعنى كون الشرط يقتضيه العقد أن يجب بالعقد من غير شرط، ومعنى كونه ملائما أن يؤكد موجب العقد، كذا في الذخيرة.
وفي السراج الوهاج أن يكون راجعا إلى صفة المبيع أو الثمن كاشتراط الخبز والطبخ والكتابة وفيها يقال للمشتري في مسألة الرهن ادفعه أو عجل الثمن، وفي القدوري: يقال للمشتري إما أن تدفع الرهن أو قيمته أو تفسخ العقد لأن يد الاستيفاء للبائع إنما تثبت على المعنى وهو القيمة، ولا شك أن الرهن لو هلك فإن المشتري يدفع قيمته أو يعجل الثمن، ولو اشترى عبدا على أن يعطي البائع المشتري كفيلا بما أدركه من درك، فإن كان الكفيل مجهولا فسد
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست