البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٥٠٣
ما إذا كان بشرط الترك فإنهم تركوا ظاهره فأجازوا البيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع وهي معارضة صريحة لمنطوقه فقد اتفقنا على أنه متروك الظاهر وهو لا يحل إن لم يكن لموجب، وهو عندهم تعليله عليه الصلاة والسلام بقوله أرأيت إن منع الله الثمرة فبما يستحل أحدكم مال أخيه فإنه يستلزم أن معناه أنه نهي عن بيعها مدركة قبل الادراك لأن العادة أن الناس يبيعون الثمار قبل أن تقطع فنهى عن هذا البيع قبل أن توجد الصفة المذكورة فصار محل النهي بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط الترك إلى أن يبدو الصلاح، والبيع بشرط القطع لا يتوهم فيه ذلك فلم يكن متناولا للنهي، وإذا صار محله بيعها بشرط تركها إلى أن تصلح فقد قضينا عهدة هذا النهي فإنا قد قلنا بفساد هذا البيع فبقي بيعها مطلقا غير متناول النهي بوجه من الوجوه إلى آخر ما حققه في فتح القدير. وحمله في المعراج على السلم وظهور الصلاح عندنا أن يأمن العاهة والفساد، وعند الشافعي ظهور النضج وبدو الحلاوة. ولو اشتراها مطلقا فأثمرت ثمرا آخر قبل القبض فسد البيع لتعذر التمييز. ولو أثمرت بعده اشتركا للاختلاط والقول قول المشتري مع يمينه في مقداره لأنه في يده، وكذا في بيع الباذنجان والبطيخ إذا حدث بعد القبض خروج بعضها اشتركا، وكان الحلواني يفتي بجوازه في الكل وزعم أنه مروي عن أصحابنا، وهكذا حكى عن الإمام الفضلي وكان يقول: الموجود وقت العقد أصل وما يحدث تبع له، نقله شمس الأئمة عنه. ولم يقيده عنه بكون الموجود وقت العقد يكون أكثر بل قال عنه اجعل الموجود أصلا في العقد وما يحدث بعد ذلك تبعا. وقال: استحسن فيه لتعامل الناس فإنهم تعاملوا بيع ثمار الكرم بهذه الصفة ولهم في ذلك عادة ظاهرة وفي نزع الناس عن عاداتهم حرج. وقد رأيت في هذا رواية عن محمد وهو في بيع الورد على الأشجار فإن الورد متلاحق، ثم جوز المبيع في الكل بهذا الطريق وهو قول مالك. والمخلص من هذه اللوازم الصعبة أن يشتري أصول الباذنجان والبطيخ والرطبة ليكون ما يحدث على ملكه، وفي الزرع والحشيش يشتري الموجود ببعض الثمن ويستأجر الأرض مدة معلومة يعلم غاية الادراك وانقضاء الغرض فيها بباقي الثمن، وفي ثمار الأشجار يشتري الموجود ويحل له البائع ما يوجد، فإن خاف أن يرجع يفعل كما قال الفقيه أبو الليث في الاذن في ترك الثمر على الشجر على أنه متى رجع عن الاذن كان مأذونا في الترك بإذن جديد فيحل له على مثل
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست