البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٤٨
فالأجرة واجبة عليه. وأفاد المصنف من عدم جواز القسمة أن أرض الوقف لو كانت بين اثنين فاقتسماها فلاحدهما إبطالها وأنه لو أجر أحدهما حصته فالاجر بينهما وقيل للمؤجر.
والمسألتان في القنية قوله: (ويبدأ من غلته بعمارته بلا شرط) لأن قصد الواقف صرف الغلة مؤبدا ولا تبقى دائما إلا بالعمارة فثبت شرط العمارة اقتضاء، ولان الخراج بالضمان وصار كنفقة العبد الموصي بخدمته فإنها على الموصى له بها، ثم إن كان الوقف على الفقراء لا يؤخذون به لعدم تعينهم وأقرب أموالهم هذه الغلة فتجب العمارة فيها، ولو كان الوقف على رجل بعينه وآخره للفقراء فهي في ماله أي مال شاء إذا كان حيا ولا يؤخذ من الغلة لأنه معين يمكن مطالبته. وإنما تستحق العمارة عليه بقدر ما يبقى الموقوف على الصفة التي وقفه، فإن خرب يبني على ذلك الوصف لأنها بصفتها صارت غلتها مصروفة إلى الموقوف عليه، فأما الزيادة على ذلك فليست بمستحقة والغلة مستحقة له فلا يجوز صرفه إلى شئ آخر إلا برضاه، ولو كان الوقف على الفقراء فكذلك عند البعض وعند الآخرين يجوز ذلك والأول أصح لأن الصرف إلى العمارة ضرورة إبقاء مقصود الواقف ولا ضرورة في الزيادة، كذا في الهداية. وبهذا علم أن عمارة الأوقاف زيادة على ما كانت العين عليه زمن الواقف لا يجوز إلا برضا المستحقين، وظاهر قوله بقدر ما يبقى الموقوف على الصفة منع البياض والحمرة على الحيطان من مال الوقف إن لم يكن فعله الواقف وإن فعله فلا منع.
ثم اعلم أن التعمير إنما يكون من غلة الوقف إذا لم يكن الخراب بصنع أحد ولذا قال في الولوالجية: رجل أجر دارا موقوفة فجعل المستأجر رواقها مربطا يربط فيه الدواب وخربها يضمن لأنه فعل بغير الاذن اه‍. ومما اتفق عليه أصحاب الفتاوى مربطا أن القيم إذا استأجر أجبرا للعمارة بدرهم ودانق وأجر مثله درهم فاستعمله في العمارة ونقد الأجرة من مال الوقف يضمن جميع ما نقد لأن الإجارة وقعت له لا للوقف اه‍. وصرحوا في نقش المسجد بالجص وماء الذهب أن المتولي لو فعله من مال الوقف ضمن وقدمناه. وههنا مسائل مهمة في العمارة: الأولى قال في فتح القدير: ولا تؤخر العمارة إذا احتيج إليها.
وفي الخانية: إذا اجتمع من غلة الأرض في يد القيم فظهر له وجه من وجوه البر والوقف محتاج إلى الاصلاح والعمارة أيضا ويخاف القيم أنه لو صرف الغلة إلى العمارة يفوت ذلك البر فإنه ينظر، إنه إن لم يكن في تأخير إصلاح الأرض ومرمته إلى الغلة الثانية ضرر بين يخاف خراب الوقف فإنه يصرف الغلة إلى ذلك البر وتؤخر المرمة إلى الغلة الثانية، وإن كان في تأخير المرمة ضرر بين فإنه يصرف الغلة إلى المرمة، فإن فضل شئ يصرف إلى ذلك
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست