الثاني) أي إن أذن كل واحد منهما لصاحبه بأداء الزكاة عنه فأديا معا ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه، وإن أديا على التعاقب كان الثاني ضامنا للأول. أطلقه فشمل ما إذا علم بأداء صاحبه أو لم يعلم في الوجهين، وهذا عند الإمام، وعندهما لا ضمان إذا لم يعلم، وعلى هذا الاختلاف المأمور بأداء الزكاة إذا تصدق على الفقراء بعدما أدى الآمر بنفسه لهما أنه مأمور بالتمليك من الفقير وقد أتى به فلا يضمن للموكل، وهذا لأن في وسعه التمليك لا وقوعه زكاة لتعلقه بنية الموكل وإنما يطلب منه ما في وسعه وصار كالمأمور بذبح دم الاحصار إذا ذبح بعدما زال الاحصار وحج الآمر لم يضمن المأمور علم أولا. ولأبي حنيفة رضي الله عنه أنه مأمور بأداء الزكاة والمؤدي لم يقع زكاة فصار مخالفا، وهذا لأن المقصود من الآمر إخراج النفس عن عهدة الواجب لأن الظاهر أنه لا يلتزم الضرر إلا لدفع الضرر وهذا المقصود حصل بأدائه فعري أداء المأمور عنه فصار معزولا، علم أو لم يعلم، لأنه عزل حكمي، وأما دم الاحصار فقد قيل إنه على الخلاف، وقيل بينهما فرق، ووجهه أن الدم ليس بواجب عليه وأنه يمكنه أن يصبر حتى يزول الاحصار، وفي مسألتنا الأداء واجب فاعتبر الاسقاط مقصودا فيه دون دم الاحصار، وكذا في الهداية. ونقل الولوالجي أن في بعض المواضع لا يضمن عندهما وإن علم بأداء المالك، ونص في زيادات العتابي أن عندهما لا يضمن، علم بأدائه أو لم يعلم وهو الصحيح عندهما، كذا في فتح القدير قوله: (وإن أذن أحد المتفاوضين بشراء أمة ليطأ ففعل فهي له بلا شئ) أي عند الإمام. وقالا: يرجع عليه بنصف الثمن لأنه أدى دينا عليه خاصة من مال مشترك فيرجع عليه صاحبه بنصيبه كما في شراء الطعام والكسوة لأن الملك وقع له خاصة والثمن بمقابلة الملك. وله أن الجارية دخلت في الشركة على البتات جريا على مقتضى الشركة إذ هما لا يملكان تغييره فأشبه حال عدم الإذن غير أن الاذن يتضمن هبة نصيبه منه لأن الوطئ لا يحل إلا بالملك ولا وجه إلى إثباته بالبيع لما بينا أنه يخالف مقتضى الشركة فأثبتناه بالهبة الثابتة في ضمن الاذن بخلاف الطعام والكسوة لأن ذلك مستثنى عنها للضرورة فيقع الملك له خاصة بنفس العقد فكان مؤديا دينا عليه من مال الشركة، وفي مسألتنا قضى دينا عليهما وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء بالاتفاق لأنه دين وجب بسبب التجارة والمفاوضة تضمنت الكفالة فصار كالطعام والكسوة. قيد بالاذن لأنه لو اشتراها للوطئ بلا إذن كانت مشتركة لما قدمناه، وقدمنا أن السكوت عند الاستئذان لا يكون إذنا فلا يكون له خاصة وقد بينا الفرق بينه وبين سكوت الموكل.
(٣١٢)