مسلما قال أبو يوسف: لا يعود وكيلا. وقال محمد: يعود اه. والحاصل أنه لا توقف في إبطال عباداته وبينونة امرأته وإيجاره واستئجاره ووصيته وإيصائه وتوكيله ووكالته، وقدمنا أن من عباداته التي بطلب بردته وقفه وأنه لا يعود بإسلامه. وقيد بالمرتد لأن المرتدة لا يزول ملكها عن مالها بلا خلاف فيجوز تصرفاتها في مالها بالاجماع لأنها لا تقتل فلم تكن ردتها سببا لزوال ملكها، كذا في البدائع. وينبغي أن يلحق بها المرتد إذا لم يقتل وهو من كان في إسلامه شبهة كما قدمناه بجامع عدم القتل ولم أره صريحا. وفي الزيادات: المرتدة إذا تصرفت إن كان تصرفا ينفذ من المسلم ينفذ منها، وإن كان تصرفا لا ينفذ من المسلم لكن يصح ممن هو على ملة انتحلت إليها كاليهود والنصارى نفذ تصرفاتها عندهما، وعنده اختلف المشايخ قال بعضهم يصح، وقال بعضهم لا يصح منها إلا ما يصح من المسلم، كذا في التتارخانية، وثمرته في بيعها الخمر والخنزير. وأفاد بقوله ملك المرتد عن ماله أن الكلام في الحر فلا يزول ما ملكه المكاتب من اليد بردته ولذا قال في الخانية: وتصرفات المكاتب في ردته نافذة في قولهم اه.
قوله: (وإن مات أو قتل على ردته ورث كسب إسلامه وإرثه المسلم بعد قضاء دين إسلامه وكسب ردته فئ بعد قضاء دين ردته) بيان لميراث المرتد بعد موته حقيقة. وحاصله أن ما كان كسبا له زمن إسلامه فهو ميراث لورثته المسلمين اتفاقا ولا يكون فئ عندنا خلافا للأمة الثلاثة لأنه مات كافرا والمسلم لا يرث الكافر وهو مال حربي لا أمان له فكان فيئا.
ولنا أن ملكه بعد الردة باق فينتقل بموته إلى ورثته مستندا إلى ما قبيل ردته إذ الردة سببا للموت فيكون توريث المسلم من المسلم، والاستناد لازم له على قول الأئمة الثلاثة أيضا لأن أخذ المسلمين له إذا لم يكن له وارث بطريق الوراثة وهو يوجب الحكم باستناده شرعا إلى ما قبيل ردته وإلا كان توريثا للكافر من المسلم، ومحمل الحديث الكافر الأصلي الذي لم يسبق له إسلام فساوت قرابته المسلمين في ذلك فترجحت قرابته بجهة القرابة وتمامه في فتح القدير.
واستدل في البدائع بأن عليا رضي الله عنه لما قتل المستورد العجلي بالردة قسم ماله بين ورثته للمسلمين وكان بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير إنكار فكان إجماعا، وأشار بقوله وارثه إلى أن المعتبر وجود الوارث عند الموت أو القتل أو الحكم باللحاق وهو رواية محمد عن الإمام وهو الأصح كما في النهاية وفتح القدير، لأن الحادث بعد انعقاد السبب قبل