البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٨٦
الجامع للصدر: من ملك الانشاء ملك الاخبار كالوصي والمولى والمراجع والوكيل بالبيع ومن له الخيار انتهى. ولو أقام بينة بعد العدة أنه قال في عدتها قد راجعتها أو أنه قال قد جامعتها كان رجعة لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة وهذا من أعجب المسائل فإنه يثبت إقراره نفسه بالبينة بما لو أقر به في الحال لم يكن مقبولا كذا في المبسوط. قيد بقوله بعد العدة لأنه لو قال في العدة كنت راجعتك أمس ثبتت وإن كذبته لملكه الانشاء في الحال. قوله: (كراجعتك فقالت مجيبة مضت عدتي) يعني لو قال لها راجعتك فأجابته بقولها مضت عدتي لا تصح الرجعة عند أبي حنيفة لأنها صادفت حال انقضاء العدة فلا تصح.
وقالا: تصح والقول له لأنها صادفت العدة لبقائها ظاهرا ما لم تخبر بالانقضاء وقد سبقت الرجعة خبرها بالانقضاء كما لو قال طلقتك فقالت مجيبة انقضت عدتي فإنه يقع الطلاق، وكالموكل إذا قال للوكيل عزلتك فقال الوكيل مجيبا له بعت لا يصح كذا في المحيط. وله أن قوله راجعتك إنشاء وهو إثبات أمر لم يكن فلا يستدعي سبق الرجعة. وقولها انقضت عدتي إخبار وهو إظهار أمر قد كان فيقتضي سبق الانقضاء ضرورة. ومسألة الطلاق قيل على الخلاف فلا يقع عنده كما لو قال أنت طالق مع انقضاء عدتك والأصح أنه يقع لاقرار الزوج بالوقوع كما لو قال بعد انقضاء العدة كنت طلقتها في العدة كان مصدقا في ذلك بخلاف الرجعة. قيد بكونها إجابته من غير سكوت لأنها لو سكتت ساعة تصح الرجعة اتفاقا. وأشار بكون الزوج بدأها إلى أنها لو بدأت فقالت انقضت عدتي فقال الزوج مجيبا لها موصولا بكلامها راجعتك لا يصح بالأولى ولهذا لم يذكر الأسبيجابي فيها خلافا. وإذا لم تصح الرجعة في مسألة الكتاب تستحلف عنده، والفرق بينها وبين الأولى أن اليمين فائدتها النكول وهو بذل عنده، وفي المسألة الأولى تحليفها على الرجعة وبذلها لا يجوز، وفي الثانية تحليفها على مضي عدتها وهو الامتناع عن التزوج والاحتباس في منزل الزوج وبذله جائز. وأما مذهبهما في المسألة الثانية فقد عرفت أنه صحة الرجعة فلا يتصور أن يقال تستحلف المرأة بالاجماع كما ذكره الشارح وقلده في فتح القدير وشرح المجمع وقد اقتصر على أنها تستحلف عند أبي حنيفة في البدائع وغاية البيان والاقطع والخلاصة والولوالجية فكان نقل الاجماع سهوا قوله:
(ولو قال زوج الأمة بعد العدة راجعت فيها فصدق سيدها وكذبته أو قالت مضت عدتي وأنكرا فالقول لها) أي أنكر الزوج والمولى وقبول قولها في الأولى قول أبي حنيفة لأن الرجعة تبتني على قيام العدة والقول فيها قولها. وقالا: القول للمولى لأن البضع حقه كإقراره عليها بالنكاح. قيد بتصديق السيد لأن المولى لو كذبه وصدقته الأمة فالقول قول المولى على الصحيح
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست