البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٦٦
فتحصل من هذا أن الفتوى على أنه تعليق لا إبطال ولكن فيه إشكال وهو أن مقتضى التعليق الوقوع عند عدم الفاء لعدم الرابط، ومما يظهر فيه ثمرة الخلاف ما لو قال كنت طلقتك أمس إن شاء الله فعندهما لا يقع، وعند أبي يوسف يقع، كذا في المحيط. فثمرة الخلاف تظهر في هذه وفيما إذا أخر الجواب ولم يأت بالفاء أو أتى بالواو وحلف أن لا يحلف أو تعقب جملا وقيد بموتها لأنه إذا مات الزوج قبل الاستثناء وهو يريده يقع الطلاق وتعلم إرادته بأن ذكر لآخر قصده قبل التلفظ بالطلاق. والفرق بين موتها وموته أن الاستثناء خرج الكلام من أن يكون ايجابا والموت ينافي الموجب دون المبطل بخلاف موته لأنه لم يتصل به الاستثناء كذا في الهداية. وفي البزازية: لو قال أنت طالق إن شاء الله أنت طالق فالاستثناء ينصرف إلى الأول ويقع الثاني عندنا خلافا لزفر فإنه ينصرف إليهما عنده ولا يقع شئ، وكذا لو قال أنت طالق ثلاثا إن شاء الله أنت طالق وقعت واحدة في الحال وينبغي أن يكون المفتى به قول زفر لأن إن شاء الله صالح لتعليق الطلاق الأول اتفاقا ولتعليق الأخير أيضا وإن لم تكن الفاء فيه لما تقدم أن عند أبي يوسف إذا قدم الشرط وأخر الجزاء ولم يأت بالفاء لا يقع شئ وعليه الفتوى. وأشار بقوله إن شاء الله إلى أنه لو قال أنت طالق إن لم يشأ الله لا يقع شئ فأفاد أنه لو قال أنت طالق واحدة إن شاء الله وأنت طالق اثنتين إن لم يشأ الله لا يقع شئ أما في الأول فللاستثناء، وأما في الثاني فلانا لو أوقعناه علمنا أن الله تعالى شاء لأن الوقوع دليل المشيئة لأن كل واقع بمشيئة الله تعالى وهو علق في الثاني بعدم مشيئة الله تعالى لا بمشيئته جل وعلا فيبطل الايقاع ضرورة. ولو قال أنت طالق اليوم واحدة إن شاء الله وإن لم يشأ فثنتين فمضى اليوم ولم يطلقها طلقت ثنتين لأن وقوع ثنتين تعلق بعدم مشيئة الله تعالى الواحدة في اليوم وبمضيه بلا طلاق وجد الشرط. ثم اعلم أن مذهبنا كما قدمناه عدم الوقوع في المعلق بالمشيئة نواه وعلم معناه أولا، وعند مالك يقع مطلقا، وعند الشافعي إن نواه وعلمه لا يقع
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست