البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤١٣
الشروط، ونسب هذا القول إلى أبي يوسف. ويقال إنه قول أبي حنيفة أيضا. وقال بعضهم:
هو تنجيز العتق في غير المعين للحال واختيار العتق في أحدهما بيان ونسب هذا القول لمحمد. ولم يكن منصوصا عليه من أصحابنا لكنه مدلول عليه ومشار إليه، أما الدلالة فلانه ظهر الاختلاف بين أبي يوسف ومحمد في الطلاق فيمن قال لامرأتيه إحداكما طالق أن العدة تعتبر من وقت الاختيار في قول أبي يوسف والعدة إنما تجب من وقت وقوع الطلاق، فدل أن الطلاق لم يكن واقعا. وفي قول محمد يعتبر من وقت الكلام السابق وهو يدل على أن الطلاق قد وقع من حين وجوده. وأما الإشارة فإنه روي عن أبي يوسف أنه قال: إذا أعتق أحد عبديه تعلق العتق بذمته ويقال له أعتق. وفيه إشارة إلى أنه غير نازل في المحل. ومعنى قوله أعتق اختر العتق لاجماعنا أنه لا يكلف بإنشاء العتق. وذكر محمد في الزيادات يقال له بين، وفيه إشارة إلى الوقوع في غير المعين. ثم القائلون بالبيان اختلفوا في كيفية البيان فمنهم من قال إنه إظهار محض، وقيل إظهار من وجه، إنشاء من وجه هذا غير سديد، لأن القول الواحد لا يكون إظهارا وإنشاء. وأما الأحكام فنقول إن للمولى أن يستخدمهما ويستغلهما قبل الاختيار، وهذا يدل على أنه غير واقع ولو جنى عليهما قبل الاختيار فلا يخلو إما إن كانت من المولى أو من الأجنبي، وكل لا يخلو إما أن يكون على النفس أو على ما دون النفس، فإن كانت من المولى على ما دون النفس بأن قطع يدهما فلا شئ عليه وهو يدل على عدم نزول العتق، وسواء قطعهما معا أو على التعاقب، وإن كان على النفس بأن قتلهما، فإن كان على التعاقب فالأول عبد والثاني حر فتلزمه دية الثاني وتكون لورثته ولا يرث المولى منها شيئا، وإن قتلهما معا بضربة واحدة فعليه نصف دية كل واحد منهما وهذا يؤيد القول بنزول العتق في غير المعين. وإن كانت من أجنبي فيما دون النفس بأن قطع إنسان يدهما فعليه أرش العبيد للمولى وهو نصف قيمة كل واحد منهما، قطعهما معا أو على التعاقب، وهو يدل على عدم نزوله. وإن كانت في النفس فلا يخلو إما أن يكون القاتل واحدا أو اثنين، فإن كان واحدا فإن قتلهما معا فعلى القاتل نصف قيمة كل واحد منهما وتكون للمولى وعليه نصف دية كل واحد منهما لورثتهما، وهذا يدل على أن العتق نازل في غير العين، وإن قتلهما على التعاقب يجب على القاتل قيمة الأول للمولى ودية الثاني للورثة.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست