البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٠٧
فلا اعتبار بحاله من اليسار والاعسار. ولم يذكر المصنف رجوع المدبر بما ضمنه للساكت على العبد وقد نص الحاكم الشهيد في الكافي بأنه يرجع على العبد بثلث قيمته قنا كما ضمن.
وقيد المصنف بكون الساكت اختار تضمين المدبر بعد تحرير الآخر لأنه لو اختار تضمين المدبر. قبل إن يعتقه الآخر ثم أعتقه كان للمدبر أن يضمن المعتق ثلثي قيمته لأن الاعتاق وجد بعد تملك المدبر نصيب الساكت فله أن يضمنه ثلث قيمته قنا مع ثلث قيمته مدبرا كما هو صفته. قال في فتح القدير: وأورد بعض الطلبة على هذا أنه ينبغي أن يضمنه قيمة ثلثيه مدبرا لأنه حين ملك ثلث الساكت بالضمان صار مدبرا لا قنا، ولذا قلنا في وجه كون ثلثي الولاء له لأنه صار كأنه دبر ثلثيه ابتداء، والجواب لا يتم إلا بمنع كون الثلث الذي ملكه بالضمان للساكت صار مدبرا بل هو قن على ملكه إذ لا موجب لصيرورته مدبرا لأن ظهور الملك الآن لا يوجبه والتدبير يتجزى وذكرهم إياه في وجه كون ثلثي الولاء له غير محتاج إليه إذ يكفي فيه أنه على ملكه حين أعتقه الآخر وأدى الضمان، وإنما لم يكن ولاؤه له لما ذكرنا من أنه ضمان جناية لا تملك ا ه‍. وبما قررناه أولا علم أن الواو في قول المصنف وحرره آخر بمعنى ثم قيد به لأنه لو أعتقه أحدهم ودبره الآخر وكاتب الآخر ولا يعلم الأول فالتصرفات كلها جائزة ويسعى العبد للمدبر في سدس قيمته وضمن له المعتق أيضا سدس قيمته مدبرا إن كان موسرا، ويسعى العبد في المكاتبة للثالث، فإن عجز فهو بالخيار، إن شاء استسعى العبد في ثلث قيمته والولاء أثلاثا، وإن شاء ضمن المدبر المعتق ثلث قيمته نصفين إذا كانا موسرين والولاء بينهما نصفان لأنهما لما جهلا التاريخ يجعل كان هذه التصرفات وقعن معا، وأنها متجزئة عند أبي حنيفة فصحت. ثم لا شئ للمعتق على أحد، وإن أعتق واحد وكاتب الآخر ودبر الثالث معا ليس لواحد الرجوع لأن تصرف كل واحد حصل في ملك نفسه، وإن دبر أحدهم أولا ثم أعتق الثاني ثم كاتب الآخر ثبت للمدبر الرجوع على المعتق بقيمة نصيبه ولا رجوع للمكاتب على أحد، فإن دبر ثم كاتب ثم أعتق فحكم المدبر والمعتق ما ذكرنا. وأما المكاتب إذا عجز العبد يرجع على المعتق بقيمة نصيبه لأنه عاد عبدا له والمعتق أتلفه، وإن كاتبه أولا ثم دبر ثم أعتق، فإن لم يعجز العبد يعتق عليه ولا ضمان له على أحد، وإن عجز يرجع على المدبر بثلث قيمته لا على المعتق وتمام تفريعاته في المحيط.
قوله: (ولو قال لشريكه هي أم ولدك وأنكر تخدمه يوما وتتوقف يوما) أي تخدم المنكر يوما ولا تخدم أحدا يوما. وهذا عند أبي حنيفة فلا سعاية عليها للمنكر ولا سبيل عليها للمقر. وقالا: إن شاء المنكر استسعى الجارية في نصف قيمتها ثم تكون حرة، ولا سبيل عليها لأنه لما لم يصدقه صاحبه انقلب إقرار المقر عليه كأنه استولدها فصار كما إذا أقر المشتري على البائع أنه أعتق المبيع قبل البيع يجعل كأنه أعتق كذا هذا، فتمتنع الخدمة ونصيب المنكر
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست