البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٨
صدق. ولو قال إن لم أجامعك في حيضتك فأنت طالق فادعى الجماع في الحيض لا تطلق لأنه علق الطلاق بصريح الشرط والمعلق بالشرط إنما ينعقد سبيا عند الشرط لما عرف، فإذا أنكر الشرط فقد أنكر السبب فيقبل قوله. وكذا لو قال والله لا أقربك أربعة أشهر فمضت المدة ثم ادعى قربانها في المدة لا يقبل لأن الايلاء سبب في الحال لكن تراخي وقوع الطلاق إلى مضي المدة وقد مضت المدة ووقع ظاهرا، فدعوى القربان في المدة دعوى المانع فلا يقبل.
ولو ادعى القربان قبل مضي المدة يقبل قوله لأنه لم يقع الطلاق بعد وقد أخبر عما يملك انشاءه فيقبل قوله. وإن قال إن لم أقربك في أربعة أشهر فأنت طالق فمضت المدة ثم ادعى القربان في المدة لا يقع لأنه علق الطلاق بصريح الشرط فمتى أنكر الشرط فقد أنكر السبب فيقبل قوله. وإن قال عبده حر إن طلقتك ثم خيرها فقالت اخترت نفسي في المجلس وادعى أنك أخذت في عمل آخر قبل الاختيار وأنكرت وقع الطلاق والعتق لأن سبب الطلاق وجد والظاهر وقوعه فدعواه الاعراض دعوى المبطل فلا يقبل، وإذا ثبت الطلاق ثبت العتق لبنائه عليه. ولو قال عبده حر إن لم تشتغلي بعمل آخر فادعى الاشتغال بعمل آخر قبل الاختيار لا يعتق لأنه أنكر شرط العتق وتطلق لما مر. ولو باع عبده بالخيار ثلاثة أيام للبائع ثم قال إن تم البيع بيننا فعبده حر فمضت مدة الخيار ثم ادعى النقض في المدة لا يقبل ويثبت الملك والعتق لأن المدة إذا مضت فالظاهر ثبوت الملك نظرا إلى السبب، وإذا ثبت الملك ثبت العتق. ولو قال إن لم أنقض البيع في الثلاث فعبدي حر فادعى النقض بعده لم يعتق لانكاره شرط العتق والملك ثابت لما مر اه‍. وفيه من آخر كتاب الايمان: لو قال كل أمة لي حرة إلا أمهات أولادي ثم ادعى أمية الولد فيهن أو بعضهن لا يصدق، سواء كان معهن ولد أو لا.
والأصل أن السيد إذا أوجب العتق بلفظ عام واستثنى بوصف خاص ثم ادعى وجود ذلك، فإن كان الوصف عارضا لا يقبل قوله، وإن كان أصليا قبل قوله لأن القول قول من يتمسك بالأصل. وإن أوجب العتق بلفظ خاص ثم أنكر وجود ذلك الوصف فالقول قوله لأنه ينكر الاعتاق أصلا وهنا أوجب العتق بلفظ عام واستثنى بوصف خاص عارضي فكان مدعيا إبطال العتق الثابت أصلا فلم يصدق، وقيام الولد لا يدل على صدق دعواه لاحتمال أن يكون من غيره ولكن يثبت نسب الولد منه لحصول الدعوة في ملكه وعتق الولد، ولم تصر الأمة أم ولده لأنها عتقت بالايجاب العام. ولو عرف دعوى النسب من المولى قبل الخصومة واختلفوا فقال المولى كنت ادعيت قبل اليمين ولم تعتق الأمة وقالت الأمة ادعيت بعد اليمين وقد عتقت فالقول للمولى لأن أمية الولد تثبت في الحال والحال يدل على ما قبله لما عرف.
فإن قيل للأمة ظاهر آخر وهو أن الأصل عدم أمية الولد قلنا: هي بظاهرها تثبت الاستحقاق وهو يدفع. ولو قال إلا أمة خبازة أو اشتريتها من زيد أو نكحتها البارحة أو إلا ثيبا وادعى ذلك لا يصدق لأن هذه صفة عارضة لكن القاضي يريها النساء، فإن قلن ثيب لا
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست