البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٢٨
قوله: (وكره له أخذ شئ إن نشز) أي كرهها والنشوز يكون من الزوجين وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه كما في المغرب. وفي المصباح: نشزت المرأة من زوجها نشوزا من بابي قعد وضرب عصت زوجها وامتنعت عليه، ونشز الرجل من امرأته نشوزا بالوجهين تركها وجفاها. وفي التنزيل * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا) * [النساء: 128] وأصله الارتفاع يقال نشز من مكانه نشوزا بالوجهين إذا ارتفع عنه. وفي السبعة وإذا قيل انشزوا فانشزوا بالضم والكسر والنشز بفتحتين المكان المرتفع من الأرض والسكون لغة فيه اه‍. وأراد بالكراهة كراهة التحريم المنتهضة سببا للعقاب، والحق أن الاخذ في هذه الحالة حرام قطعا لقوله تعالى * (فلا تأخذوا منه شيئا) * [النساء: 20] ولا يعارضه الآية الأخرى * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * [البقرة: 229] لأن تلك فيما إذا كان النشوز من قبله فقط والأخرى فيما إذا خافا أن لا يقيما حدود الله فليس من قبله فقط نشوز على أنهما لو تعارضا كانت حرمت الاخذ ثابتة بالعمومات القطعية فإن الاجماع على حرمة أخذ مال المسلم بغير حق وفي إمساكها لا لرغبة بل إضرارا وتضييقا ليقتطع ما لها في مقابلة خلاصها من الشدة التي هي معه فيها ذلك وقال تعالى * (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) * [البقرة: 231] فهذا دليل قطعي على حرمة أخذ مالها كذلك فيكون حراما إلا أنه لو أخذ جاز في الحكم أي يحكم بصحة التمليك وإن كان بسبب خبيث وتمامه في فتح القدير. وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي جرير عن ابن زيد في الآية قال: ثم رخص بعد فقال * (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * قال فنسخت هذه تلك اه‍ والحاصل أن ما في النساء منسوخ بآية البقرة وهو يقتضي حل الاخذ مطلقا إذا رضيت.
أطلقه فشمل القليل والكثير ويلحق به الايراء عما لها عليه فإنه لا يجوز أيضا إذا كان النشوز منه لأنه اعتداء وإضرار قوله: (وإن نشزت لا) أي لا يكره له الاخذ إذا كانت هي الكارهة.
أطلقه فشمل القليل والكثير وإن كان أكثر مما أعطاها وهو المذكور في الجامع الصغير، وسواء كان منه نشوز لها أيضا أو لا، فإن كانت الكراهة من الجانبين فالإباحة ثابتة بعبارة قوله تعالى * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * [البقرة: 922] وإن كانت من جانبها فقط فبدلالتها
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست