البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٦٥
والصيد وإن كان محظور الاحرام لكن عند الضرورة يرتفع الحظر فيقتله ويأكل منه ويؤدي ا لجزاء ا ه‍. والمراد بالقتل الذبح. وفي فتاوى قاضيخان: المحرم إذا اضطر إلى مينة وصيد فالميتة أولى من قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف والحسن: يذبح الصيد، ولو كان الصيد مذبوحا فالصيد أولى عند الكل. ولو وجد لحم صيد آدمي كان ذبح الصيد أولى، ولو وجد صيدا وكلبا فالكلب أولى لأن في الصيد ارتكاب المحظورين، وعن محمد الصيد أولى من لحم الخنزير ا ه‍. والذي يظهر ترجيح ما في الفتاوى لما أن في أكل الصيد ارتكاب حرمتين الاكل والقتل وفي أكل الميتة ارتكاب حرمة واحدة وهي الاكل، وكون الحرمة ترتفع لا يوجب التخفيف ولهذا قال في المجمع: والميتة أولى من الصيد للمضطر ويجيزه له مكفرا.
وذكر في المحيط أن رواية تقديم الميتة رواية المنتفي، وذكر الشارح أنه لو وجد صيدا حيا ومال مسلم يأكل الصيد لا مال المسلم لأن الصيد حرام حقا لله تعالى والمال حرام حقا للعبد فكان الترجيح لحق العبد لافتقاره. وفي فتاوى قاضيخان: وعن بعض أصحابنا من وجد طعام الغير لا يباح له الميتة، وهكذا عن ابن سماعه وبشر أن الغصب أولى من الميتة وبه أخذ الطحاوي. وقال الكرخي: هو بالخيار ا ه‍ قوله: (وغرم بأكله لا محرم آخر) للفرق بينهما وهي أن حرمته على الذابح من جهتين: كونه ميتة وتناوله محظورا إحرامه لأن إحرامه هو الذي أخرج الصيد عن الحلية والذابح عن الأهلية في حق الذكاة فأضيفت حرمة التناول إلى إحرامه فوجبت عليه قيمة ما أكله، وأما المحرم الآخر فإنما هي حرام عليه من جهة واحدة وهو كونه ميتة فلم يتناول محظور إحرامه، ولا شئ عليه بأكل الميتة سوى التوبة والاستغفار، وبهذا اندفع قولهما بعدم الفرق قياسا على أكل الميتة. أطلقه فشمل ما إذا أكل منه قبل أداء الجزاء أو بعده لكن إن كان قبله دخل ضمان ما أكل في ضمان الصيد فلا يجب له شئ بانفراده. وقيد بأكل المحرم لأن الحلال لو ذبح صيدا في الحرم فأدى جزاءه ثم أكل منه لا
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست