بعده فلا يرتد كما إذا أقر بمال لرجل فصدقه ثم رد إقراره لا يصح، وكالابراء عن الدين بعد ثبوته لا يتوقف على القبول ويرتد بالرد لما فيه من معنى الاسقاط والتمليك. أما الاسقاط فظاهر، وأما التمليك فلقوله تعالى * (وإن تصدقوا خير لكم) * (البقرة: 280) سمى الابراء تصدقا. كذا في فتح القدير. والصواب أن يقال: إنهم وفقوا بينهما بأنه يرتد برده عند التفويض لا بعد ما قبله كما في الفصول، وأما ما ذكره من أنه بعد التفويض فمحمول على ما إذا قبله. ووفق بينهما في جامع الفصولين بأنه يحتمل أن يكون فيه روايتان لأنه تمليك من وجه، تعليق من وجه، فيصح رده قبل قبوله نظرا إلى التمليك، ولا يصح نظرا إلى التعليق لا قبله ولا بعده فتصح رواية صحة الرد نظرا إلى التمليك، وتصح رواية فساد الرد نظرا إلى التعليق اه.
وحاصله أن ابن الهمام حمل قولهم بصحة الرد على اختيارها زوجها، وقولهم بعدم صحته على ما لو قالت رددت وهو حمل قاصر، لأنه خاص بما إذا جعل أمرها بيدها.
وقولهم إنه يرتد بالرد شامل لما إذا جعل الامر بيدها أو بيد أجنبي كما صرح به في جامع الفصولين، ولا يمكن هذا الحمل في أمر الأجنبي فتعين ما وفق به المشايخ من أنه يرتد قبل القبول لا بعده كالابراء. وجوابه أنه يأتي من الأجنبي أيضا بأن يقول للزوج اخترتك كما لا يخفى. في كلام الشارحين نظر لأن قولها بعد القبول رددت إعراض مبطل لخيارها. وقد وقع