البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٠٦
لأن غير الأب لو ضمن بإذن الأب وأدى يرجع في مال الصغير، فكذا الأب لأن قيام ولاوية الأب عليه في الصغر بمنزلة أمره بعد البلوغ، وفي الاستحسان لا رجوع له لا الآباء يتحملون المهور عن أبنائهم عادة ولا يطمعون في الرجوع، والثابت بالعرف كالثابت بالنص إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فحينئذ يرجع لأن الصريح يفوق الدلالة أعني دلالة العرف بخلاف الوصي إذا أدى المهر عن الصغير بحكم الضمان يرجع لأن التبرع من الوصي لا يوجد عادة فصار كبقية الأولياء غير الأب. والحاصل أن عدم الرجوع مخصوص بالأب، واستفيد من صحة الضمان أيضا أن الأب لو مات قبل الأداء فللمرأة الاستيفاء من تركة الأب لأن الكفالة بالمال لا تبطل بموت الكفيل. وإذا استوفت قال في المبسوط: رجع سائر الورثة بذلك في نصيب الابن أو عليه إن كان قبض نصيبه ولم يذكر فيه خلافا. وذكر الولوالجي أن أبا يوسف قال: إن الأب متبرع ولا يرجع هو ولا وارثه بعد موته على الابن بشئ، وحكم الاستيفاء في مرض الموت كالاستيفاء بعد الموت من أن الورثة يرجعون عليه كما في غاية البيان. واستفيد من القول بصحة الضمان أيضا أنه لو لم يضمن الأب مهر ابنه الصغير لا يطالب به ولو كان عاقدا لأنه لو لزمه بلا ضمان لم يكن للضمان فائدة، ولما في المعراج: لو زوج ابنه الصغير لا يثبت المهر في ذمة الأب بل يثبت في ذمة الابن عندنا، سواء كان الابن موسرا أو معسرا. ذكره في المنظومة وشرحها معللا بأن النكاح لا ينفك عن لزوم المال إنما ينفك عن إيفاء المهر في الحال فلم يكن من ضرورة الاقدام على تزويجه ضمان المهر عنه، وهذا هو المعول عليه كما في فتح القدير. وبه اندفع ما في شرح الطحاوي من أن للمرأة مطالبة أب الصغير بمهرها ضمن أو لم يضمن ا ه‍.
وجوابه أن كلام شارح الطحاوي محمول على ما إذا كان للصغير مال فإن لها مطالبة الأب بغير ضمان ليؤدي من مال الصغير، والدليل على هذا الحمل أن صاحب المعراج نقل أولا ما في شرح الطحاوي ثم بعد أسطر ذكر ما ذكرناه عنه من عدم لزوم المهر على الأب بلا ضمان، لكن قيده بالابن الفقير فتعين أن يكون الأول في الابن الغني. وبه اندفع ما في فتح القدير وفي الذخيرة إذا اشترى لابنه الصغير شيئا آخر سوى الطعام والكسوة ونقد الثمن من مال نفسه فإنه يرجع على الصغير بذلك وإن لم يشترط الرجوع لأنه لا عرف أن الآباء
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»
الفهرست