البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٦٦
المصنف إلى أنه لو تزوجها بمائة دينار على أن تحط عنه خمسين منها فقبلت فهو صحيح بالأولى كما في الخانية.
قوله: (والخلوة بلا مرض أحدهما وحيض ونفاس وإحرام وصوم فرض كالوطئ) بيان للسبب الثالث المكمل للمهر وهي الخلوة الصحيحة لأنها سلمت المبدل حيث رفعت الموانع وذلك وسعها فيتأكد حقها في البدل اعتبارا بالبيع، وقد حكى الطحاوي إجماع الصحابة عليه، ويدل عليه حديث الدارقطني من كشف خمار امرأة أو نظر إليها وجب الصداق، دخل أو لم يدخل وحينئذ فالمراد بالمس في قوله تعالى * (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) * ( البقرة: 237) الخلوة إطلاقا لاسم المسبب على السبب إذا لمس مسبب عن الخلوة عادة ويكون كما له بالجماع بحضرة الناس بالاجماع لا بالآية. ومن فروع لزوم المهر بالخلوة لو زنى بامرأة فتزوجها وهو على بطنها فعليه مهران: مهر بالزنا لأنه سقط الحد بالتزوج قبل تمام الزنا، والمهر المسمى بالنكاح لأن هذا يزيد على الخلوة. وقد شرط المصنف في إقامتها مقام الوطئ شروطا ترجع إلى أربعة أشياء: الخلوة الحقيقية، وعدم مانع حسي، وعدم مانع طبعي، وعدم مانع شرعي من الوطئ. فالأول للاحتراز عما إذا كان هناك ثالث فليست بخلوة، سواء كان ذلك الثالث بصيرا أو أعمى أو يقظانا أو نائما بالغا أو صبيا يعقل. وفصل في المبتغى في الأعمى فإن لم يقف على حاله تصح وإن كان أصم إن كان نهارا لا تصح وإن كان ليلا تصح ا ه‍. وشمل الثالث زوجته الأخرى وهو المذهب بناء على كراهة وطئها بحضرة ضرتها. واختلف في الجارية على أقوال، قيل لا تمنع مطلقا ولو كانت جارية لغيرهما، وقيل جاريتها تمنع بخلاف جاريته والمختار أن جاريتها لا تمنع كجاريته كما في الخلاصة وعليه الفتوى كما في المبتغى، وجزم الإمام السرخسي في المبسوط بأن كلا منهما يمنع وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه لأنه يمتنع من غشيانها بين يدي أمته طبعا ا ه‍. وشمل الثالث الكلب إن كان عقورا مطلقا وإن لم يكن عقورا فكذلك إن كان لها، وإن كان له صحت الخلوة. وخرج من الثالث الصبي الذي لا يعقل والمجنون والمغمى عليه. والمراد بالذي يعقل هنا ما يمكنه أن يعبر ما يكون بينهما كما في الخانية وللاحتراز عن مكان لا يصلح للخلوة، والصالح لها أن يأمنا فيه اطلاع غيرهما عليهما كالدار والبيت ولو لم يكن له سقف، وكذا الخيمة في المفازة والمحل الذي عليه قبة مضروبة، وكذا البستان الذي له باب وأغلق فلا تصح في المسجد والطريق الأعظم والحمام وسطح الدار من غير ساتر والبستان الذي ليس له باب وإن لم يكن هناك أحد، واختلف في البيت إذا كان بابه مفتوحا أو طوابقه بحيث لو نظر إنسان رآهما ففي
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست