البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢١٤
المهر بل يجب نصفه، فالحق أن لا يجعل لهذه المسألة ضابط بل يحكم في كل فرد بما أفاده الدليل. ثم اعلم أن الفرقة ثلاث عشرة فرقة: سبع منها تحتاج إلى القضاء، وست لا تحتاج.
أما الأولى فالفرقة بالجب، والفرقة بالعنة، والفرقة بخيار البلوغ، والفرقة بعدم الكفاءة، والفرقة بنقصان المهر، والفرقة بإباء الزوج عن الاسلام، والفرقة باللعان. وإنما توقفت على القضاء لأنها تنبني على سبب خفي لأن الكفاءة شئ لا يعرف بالحس وأسبابها مختلفة وكذا بنقصان مهر المثل، وخيار البلوغ مبني على قصور الشفقة وهو أمر باطن والاباء ربما يوجد وربما لا يوجد وكذا البقية. وأما الثانية فالفرقة بخيار العتق، والفرقة بالايلاء، والفرقة بالرد، والفرقة بتباين الدارين، والفرقة بملك أحد الزوجين صاحبه، والفرقة في النكاح الفاسد. وإنما لم تتوقف هذه الست على القضاء لأنها تبتني على سبب جلي. ثم قال الإمام المحبوبي في التنقيح: كل فرقة جاءت من قبل المرأة لا بسبب من قبل الزوج فهي فرقة بغير طلاق كالردة من جهة المرأة وخيار البلوغ وخيار العتاقة وعدم الكفاءة، وكل فرقة جاءت من قبل الزوج فهي طلاق كالايلاء والجب والعنة، ولا يلزم على هذا ردة الزوج على قول أبي حنيفة وأبي يوسف لأن بالردة ينتفي الملك فينتفي الحل الذي هو من لوازم الملك فإنما حصلت الفرقة بالتنافي والتضاد لا بوجود المباشرة من الزوج بخلاف الاباء من جهة الزوج حيث يكون طلاقا عند أبي حنيفة ومحمد لأنه لا تنافي بدليل أن الملك يبقى بعدم الاباء فلهذا افترقا اه‍.
قوله: (ويبطل بسكوتها إن علمت بكرا لا بسكوته ما لم يقل رضيت ولو دلالة) أي ويبطل خيار البلوغ بسكوت من بلغت إلى آخره اعتبارا لهذه الحالة بحالة ابتداء النكاح، وسكوت البكر في الابتداء إذن بخلاف سكوت الثيب والغلام. وأراد بالعلم العلم بأصل النكاح لأنه لا تتمكن من التصرف إلا به والولي ينفرد به فعذرت، ولا يشترط العلم بأن لها خيار البلوغ لأنها تتفرغ لمعرفة أحكام الشرع والدار دار العلم فلم تعذر بالجهل بخلاف المعتقة لأن الأمة لا تتفرغ لمعرفتها فتعذر بالجهل بثبوت الخيار. واستفيد من بطلانه بسكوتها أنه لا يمتد إلى آخر المجلس، وعلى هذا قالوا: ينبغي أن يبطل مع رؤية الدم فإن رأته ليلا تطلب بلسانها فتقول فسخت نكاحي وتشهد إذا أصبحت وتقول رأيت الدم الآن. وقيل لمحمد:
كيف يصح وهو كذب وإنما أدركت قبل هذا؟ فقال: لا تصدق في الاسناد فجاز لها أن تكذب كيلا يبطل حقها. ثم إذا اختارت وأشهدت ولم تتقدم إلى القاضي الشهر والشهرين
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست