البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
المذكور فيتخرج عليه حرمة الجمع بين عمتين وخالتين، وذلك أن يتزوج كل من الرجلين أم الآخر فيولد لكل منهما بنت فتكون كل من البنتين عمة للأخرى، أو يتزوج كل من رجلين بنت الآخر ويولد لهما بنتان فكل من البنتين خالة للأخرى. وبما قرر علم أن العلة خوف القطيعة، وظهر به ضعف ما قدمناه عن المبسوط من أن العلة ليس ذلك إذ لا قرابة بين الأختين رضاعا. وجوابه أن حرمة الجمع بينهما للحديث يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. والمراد بالحرمة في قوله حرم النكاح الحرمة المؤبدة، أما المؤقتة فلا تمنع ولذا لو تزوج أمة ثم سيدتها فإنه يجوز كما في الجامع والزيادات لأنها حرمة مؤقتة بزوال ملك اليمين. وقيل: لا يجوز تزوج السيدة عليها نظرا إلى مطلق الحرمة كما في القنية. وقيد بقوله أية فرضت لأنه لو جاز نكاح إحداهما على تقدير مثل المرأة وبنت زوجها أو امرأة ابنها فإنه يجوز الجمع بينهما عند الأئمة الأربعة، وقد جمع عبد الله بن جعفر بين زوجة علي وبنته ولم ينكر عليه أحد. وبيانه أنه لو فرضت بنت الزوج ذكرا بأن كان ابن الزوج لم يجز له أن يتزوج بها لأنها موطوءة أبيه، ولو فرضت المرأة ذكرا لجاز له أن يتزوج ببنت الزوج لأنها بنت رجل أجنبي، وكذلك بين المرأة وامرأة ابنها فإن المرأة لو فرضت ذكرا لحرم عليه التزوج بامرأة ابنه، ولو فرضت امرأة الابن ذكرا لجاز له التزوج بالمرأة لأنه أجنبي عنها. قالوا: ولا بأس أن يتزوج الرجل امرأة ويتزوج ابنه أمها أو بنتها لأنه لا مانع وقد تزوج محمد بن الحنفية امرأة وزوج ابنه بنتها.
قوله: (والزنا واللمس والنظر بشهوة يوجب حرمة المصاهرة) وقال الشافعي: الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة لأنها نعمة فلا تنال بالمحظور. ولنا أن الوطئ سبب الجزئية بواسطة الولد حتى يضاف إلى كل واحد منهما كملا فيصير أصولها وفروعها كأصوله وفروعه وكذلك على العكس والاستمتاع بالجزء حرام إلا في موضع الضرورة وهي الموطوءة والوطئ محرم من حيث إنه سبب الولد لا من حيث إنه زنا، واللمس والنظر سب داع إلى الوطئ فيقام مقامه
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست