البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٥٨
فقولها زوجت نفسي منه قائم مقام الايجاب والقبول. فاكتفي بسماعه ولا يشترط الاشهاد على التوكيل، وأما على قول من جعل الامر إيجابا فلا بد من سماع قراءة الكتاب كما لا يخفى. وشرط في الشهود أربعة: الحرية والعقل والبلوغ والاسلام. فلا ينعقد بحضرة العبيد والمجانين والصبيان والكفار في نكاح المسلمين لأنه لا ولاية لهؤلاء، ولا فرق في العبد بين القن والمدبر والمكاتب، فلو أعتق العبيد أو بلغ الصبيان بعد التحمل ثم شهدوا إن كان معهم غيرهم وقت العقد ممن ينعقد بحضورهم جازت شهادتهم لأنهم أهل للتحمل وقد انعقد العقد بغيرهم وإلا فلا كما في الخلاصة وغيرها. ولم يشترط المصنف نطق الشاهدين لأنه ينعقد بحضرة الأخرس إذا كان يسمع كما في الخلاصة. والأصل في هذا الباب أن كل من صلح أن يكون وليا في النكاح بولاية نفسه صلح أن يكون شاهدا فيه فخرج المكاتب فإنه وإن ملك تزويج أمته لكنه بولاية مستفادة من جهة المولى لا بولاية نفسه.
ثم النكاح له حكمان: حكم الاظهار وحكم الانعقاد. فحكم الانعقاد على ما ذكرنا، وأما حكم الاظهار فإنما يكون عند التجاحد فلا يقبل في الاظهار إلا شهادة من تقبل شهادته في سائر الأحكام. كذا في شرح الطحاوي. فلذا انعقد بحضور الفاسقين والأعميين والمحدودين في قذف وإن لم يتوبا وابني العاقدين وإن لم يقبل أداؤهم عند القاضي كانعقاده بحضرة العدوين. وفي البدائع: إن الاشهاد في النكاح لدفع تهمة الزنا لا لصيانة العقد عند الجحود والانكار، والتهمة تندفع بالحضور من غير قبول على أن معنى الصيانة تحصل بسبب حضورهما وإن كان لا تقبل شهادتهما لأن النكاح يظهر ويشتهر بحضورهما، فإذا ظهر واشتهر تقبل الشهادة فيه بالتسامع فتحصل الصيانة اه‍. وظاهره أن من لا تقبل شهادته إذا انعقد بحضوره ثم أخبر به من تقبل شهادته جاز له الشهادة به بالتسامع فليحفظ هذا. وفي فتاوى النسفي: للقاضي أن يبعث إلى شفعوي ليبطل العقد إذا كان بشهادة الفاسق، وللحنفي أن يفعل ذلك، وكذا لو كان بغير ولي فطلقها ثلاثا فبعث إلى شافعي يزوجها منه بغير محلل ثم يقضي
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست