البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٨٠
الفصد والخارج من غير السبيلين، وكما إذا كان شاكا في إيمانه بقوله أنا مؤمن إن شاء الله أو متوضئا من القلتين أو يرفع يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع أو لم يغسل ثوبه من المني ولم يفركه أو انحرف عن القبلة إلى اليسار أو صلى الوتر بتسليمتين أو اقتصر على ركعة أو لم يوتر أصلا أو قهقه في الصلاة ولم يتوضأ أو صلى فرض الوقت مرة ثم أم القوم فيه. زاد في النهاية وأن لا يراعي الترتيب في الفوائت وأن لا يمسح ربع رأسه. وزاد قاضيخان وأن يكون متعصبا.
والكل ظاهر ما عدا خمسة أشياء: الأول مسألة التوضؤ من القلتين فإنه صحيح عندنا إذا لم يقع في الماء نجاسة ولم يختلط بمستعمل مساو له أو أكثر فلا بد أن يقيد قولهم بالقلتين المتنجس ماؤهما أو المستعمل بالشرط المذكور لا مطلقا. الثاني مسألة رفع اليدين من وجهين: الأول أن الفساد برفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه رواية شاذة، رواها مكحول النسفي عن أبي حنيفة وليس بصحيحة رواية ودراية، لأن المختار في العمل الكثير المفسد لها ما لو رآه شخص من بعيد ظنه ليس في الصلاة لا ما يقام باليدين، ولان وضع هذه المسألة يدل على جواز الاقتداء بالشافعي وبقائه إلى وقت القنوت حتى اختلفوا هل يتابعه فيه أو لا - كما في الهداية - مع وجود رفع اليدين في الركعات الثلاث. الثاني أن الفساد عند الركوع لا يقتضي عدم صحة الاقتداء من الابتداء مع أن عروض البطلان غير مقطوع به حتى يجعل كالمتحقق عند الشروع لأن الرفع جائز الترك عندهم لسنيته. الثالث مسألة الانحراف عن القبلة إلى اليسار لأن الانحراف المانع عندنا أن يجاوز المشارق إلى المغارب كما نقله في فتح القدير في استقبال القبلة، والشافعية لا ينحرفون هذا الانحراف.
الرابع مسألة التعصب وهو تعصب لأن التعصب على تقدير وجوده منهم إنما يوجب الفسق لا الكفر والفسق لا يمنع صحة الاقتداء، والظاهر من الشارطين لعدمه أنه يوجب الكفر لكونه في الدين وهو بعيد كما لا يخفى. الخامس مسألة الاستثناء في الايمان.
فاعلم أن عبارتهم قد اختلفت في هذه المسألة، فذهب طائفة من الحنفية إلى تكفير من قال أنا مؤمن إن شاء الله ولم يقيدوه بأن يكون شاكا في إيمانه، ومنهم الأتقاني في غاية البيان.
وصرح في روضة العلماء بأن قوله إن شاء الله يرفع إيمانه فيبقى بلا إيمان فلا يجوز الاقتداء به.
وذكر في الفتاوى الظهيرية من المواعظ أن معاذ بن جبل سئل عمن يستثنى في الايمان فقال: إن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه ثلاثة أصناف قال تعالى في موضع * (أولئك هم المؤمنون حقا) * (الأنفال: 40) وقال في موضع آخر * (أولئك هم الكافرون حقا) * (النساء: 151) وقال في
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست