البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٧٥
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. والظاهر أن الاختلاف في الأفضلية لا في الجواز وإن الأخير أفضل لشموله، وإن التقييد بمن لا يحسن العربية ليس بشرط بل يجوز لمن يعرف الدعاء المعروف أن يقتصر على واحد مما ذكر لما علمت أن ظاهر الرواية عدم توقيته.
وأما حكمه إذا فات محله فنقول: إذا نسي القنوت حتى ركع ثم تذكر، فإن كان بعد رفع الرأس من الركوع لا يعود وسقط عنه القنوت، وإن تذكره في الركوع فكذلك في ظاهر الرواية كما في البدائع وصححه في الخانية. وعن أبي يوسف أنه يعود إلى القنوت لشبهه بالقرآن كما لو ترك الفاتحة أو السورة فتذكرها في الركوع أو بعد رفع الرأس منه فإنه يعود وينتقض ركوعه. والفرق على ظاهر الرواية أن نقض الركوع في المقيس عليه لاكماله لأنه يتكامل بقراءة الفاتحة والسورة لكونه لا يعتبر بدون القراءة أصلا، وفي المقيس ليس نقضه لاكماله لأنه لا قنوت في سائر الصلوات والركوع معتبر بدونه، فلو نقض لكان نقض الفرض للواجب كذا في البدائع. فإن عاد إلى القيام وقنت ولم يعد الركوع لم تفسد صلاته لأن ركوعه قائم لم يرتفض بخلاف المقيس عليه لأن بعوده صارت قراءة الكل فرضا، والترتيب بين القراءة والركوع فرض، فارتفض ركوعه فلو لم يركع بطلت، فلو ركع وأدركه رجل في الركوع الثاني كان مدركا لتلك الركعة. وإنما لم يشرع القنوت في الركوع مثل تكبيرات العيد إذا تذكرها في حال الركوع حيث يكبر فيه لأنه لم يشرع إلا في محض القيام غير معقول ا لمعنى فلا يتعدى إلى ما هو قيام من وجه دون وجه وهو الركوع، وأما تكبيرات العيد فلم تختص بمحض القيام لأن تكبيرة الركوع يؤتى بها في حال الانحطاط وهي محسوبة من تكبيرات العيد بإجماع الصحابة، فإذا جاز أداء واحدة منها في غير محض القيام من غير عذر جاز أداء الباقي مع قيام العذر بالأولى. ولم يقيد المصنف القنوت بالمخافتة للاختلاف
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست