الذي أفطر رمضان قضاء ثلاثين يوما إذا لم يعلم صوم أهل بلده فلو كان على السواء لم يلزم الزائد بالشك لأن ظهور كونه كاملا إنما هو عند الصحو، أما عند الغيم فلا إلا أن يقال الأصل الصحو والغيم عارض ولا عبرة به قبل تحققه، وهم إنما ذكروا التساوي عند تحقق الغيم ولم يتعرض لصفة صوم غير التطوع ولا لصفته من الإباحة والاستحباب، أما صوم غير التطوع فإن جزم بكونه عن رمضان كان مكروها كراهة تحريم للتشبه بأهل الكتاب لأنهم زادوا في صومهم، وعليه حمل حديث النهي عن التقدم بصوم يوم أو يومين وفي استحبابه، إن وافق صوما كان يعتاده على الأصح ويجزئه إن بان أنه من رمضان لما تقدم وإلا فهو تطوع غير مضمون بالافساد لأنه في معنى المظنون، وإن جزم بكونه عن واجب آخر فهو مكروه كراهة تنزيه التي مرجعها خلاف الأولى لأن النهي عن التقدم خاص بصوم رمضان لكن كره لصورة النهي المحمول على رمضان، فإن ظهر أنه من رمضان أجزأه عنه لما عرف أن كان مقيما وإلا أجزأه عن الذي نواه كما لو ظهر أنه من شعبان على الأصح. وإن جزم التطوع فلا كلام في عدم كراهته وإنما الخلاف في استحبابه إن لم يوافق صومه، والأفضل أن يتلوم ولا يأكل ولا ينوي الصوم ما لم يتقارب انتصاف النهار، فإن تقارب ولم يتبين الحال اختلفوا فيه، فقيل الأفضل صومه، وقيل فطره، وعامة المشايخ على أنه ينبغي للقضاة والمفتين أن يصوموا تطوعا ويفتوا بذلك خاصتهم ويفتوا العامة بالافطار، وكان محمد بن سلمة وأبو نصر يقولان: الفطر أحوط لأنهم أجمعوا أنه لا إثم عليه لو أفطر. واختلفوا في الصوم قال بعضهم: يكره ويأثم كذا في الفتاوي الظهيرية: وقولهم يصوم القاضي والمفتي، المراد أنه يصوم من تمكن من ضبط نفسه عن الاضجاع عن النية وملاحظة كونه عن الفرض إن كان غد من رمضان ولهذا قالوا: ويفتوا بالصوم خاصتهم. وأما إذا ردد فإن كان في أصلها كان نوى أن يصوم غدا عن رمضان إن كان رمضان وإلا فليس بصائم وهذه غير صحيحة فليس بصائم. وفي الفتاوي الظهيرية: وعن محمد ينبغي أن يعزم ليلة يوم الشك على أنه إن كان غد من رمضان فهو صائم عن رمضان، وإن لم يكن من رمضان فليس بصائم وهذا مذهب أصحابنا ا ه. وإن ردد في وصفها فله صورتان: أحدهما ما إذا نوي أن يصوم عن رمضان إن كان غد منه وإلا فعن واجب آخر وهو مكروه لتردده بين مكروهين، فإن ظهر أنه من
(٤٦٢)