فيه وإلا فهو مندوب كما لا يخفى. ومن المكروه صوم يوم الشك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، ومنه صوم الوصال، وقد فسره أبو يوسف ومحمد بصوم يومين لا فطر بينهما، ومنه صوم يوم عرفة للحاج إن أضعفه، ومنه صوم يوم السبت بانفراده للتشبه باليهود بخلاف صوم يوم الجمعة فإن صومه بانفراده مستحب عند العامة كالاثنين والخميس وكره الكل بعضهم، ومنه صوم الصمت بأن يمسك عن الطعام والكلام جميعا. كذا في البدائع. ومنه أيضا صوم ستة من شوال عند أبي حنيفة متفرقا كان أو متتابعا، وعن أبي يوسف كراهته متتابعا لا متفرقا لكن عامة المتأخرين لم يروا به بأسا. ثم اعلم أن الصيامات اللازمة فرضا ثلاثة عشر، سبعة منها يجب فيها التتابع وهي: رمضان وكفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة اليمين وكفارة الافطار في رمضان والنذر المعين وصوم اليمين المعين. وستة لا يجب فيها التتابع وهي: قضاء رمضان وصوم المتعة وصوم كفارة الحلق وصوم جزاء الصيد وصوم النذر المطلق وصوم اليمين بأن قال والله لأصومن شهرا. ثم إذا أفطر يوما يجب فيه التتابع هل يلزمه الاستقبال أو لا فنقول: كل صوم يؤمر فيه بالتتابع لأجل الفعل وهو الصوم يكون التتابع شرطا فيه، وكل صوم يؤمر فيه بالتتابع لأجل أن الوقت مفوت ذلك يسقط التتابع، وإن بقي الفعل واجب القضاء فالأول كصوم كفارة القتل والظهار واليمين والافطار ويلحق به النذر المطلق إذا ذكر التتابع فيه أو نواه، والثاني كرمضان والنذر المعين واليمين بصوم يوم معين. كذا ذكره صاحب البدائع والأسبيجابي منتصرا، ومحاسنه كثيرة منها شكر النعمة التي هي المفطرات الثلاثة لأن بضدها تتبين الأشياء، ومنها أنه وسيلة إلى التقوى لأنها إذا انقادت إلى الامتناع عن الحلال طمعا في مرضاته تعالى فالأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام وإليه الإشارة بقوله تعالى * (لعلكم تتقون) * (البقرة: 183) ومنها كسر الشهوة الداعية إلى المعاصي، ومنها الاتصاف بصفة الملائكة الروحانية، ومنها علمه بحال الفقراء ليرحمهم فيطعمهم، ومنها موافقته لهم
(٤٥١)