حضرة العدو وأقيمت مقام الخوف على ما عرف في أصلنا في تعليق الرخصة بنفس السفر لا حقيقة المشقة، لأن السفر سبب المشقة فأقيم مقامها، فكذا حضرة العدو هنا سبب الخوف فأقيم مقامه حقيقة الخوف ا ه. وفي فتح القدير: واعلم أن صلاة الخوف على الصفة المذكورة إنما تلزم إذا تنازع القوم في الصلاة، أما إذا لم يتنازعوا فالأفضل أن يصلي بإحدى الطائفتين تمام الصلاة ويصلي بالطائفة الأخرى إمام آخر تمامها ا ه. وذكر الأسبيجابي أن من انصرف منهم إلى وجه العدو راكبا فإنه لا يجوز، سواء كان انصرافه من القبلة إلى العدو وعكسه وإنما تتم الطائفة الأولى بلا قراءة لأنهم لاحقون ولذا لو حاذتهم امرأة فسدت صلاتهم، والثانية بقراءة لأنهم مسبوقون ولذا لو حاذتهم امرأة لا تفسد صلاتهم، ويدخل تحته المقيم خلف المسافر حتى يقضي ثلاث ركعات بلا قراءة إن كان من الطائفة الأولى، وبقراءة إن كان من الثانية. والمسبوق إن أدرك ركعة من الشفع الأول فهو من الطائفة الأولى وإلا فهو من الثانية. وأطلق في الصلاة فشمل كل صلاة تؤدي بجماعة كالصلوات الخمس ومنها الجمعة وكذا العيد، وفي المجتبي: ويسجد للسهو في صلاة الخوف لعموم الحديث ويتابعه من خلفه ويسجد اللاحق في آخر صلاته.
قوله: (وصلى في المغرب بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة) لأن الركعتين شطر في المغرب ولهذا شرع القعود عقبيهما ولان الواحد لا يتجزى فكانت الطائفة الأولى أولى بها للسبق، فإذا ترجحت عند التعارض لزم اعتباره، ومسائل خطأ الإمام وتفاريعهم تركناها عمدا للاستغناء عنها قوله: (ومن قاتل بطلت صلاته) لأنه عمل كثير مفسد للصلاة وهو مراده بالمقاتلة وإلا فلو قاتل بعمل قليل كالرمية لا تفسد كما علم في مفسدات الصلاة. واستدل في المجتبي بحديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق فصلاهن من بعد ما مضي من الليل، ولو جاز مع القتال لما أخرهن عن وقتهن ا ه. وأشار المصنف إلى أن السابح في البحر إذا لم يمكنه أن يرسل أعضاءه ساعة فإنه لا يصلي فإن صلى لا تصح، وإن أمكنه ذلك فإنه يصلي بالايماء. كذا في المجتبي قوله: (فإذا اشتد الخوف صلوا ركبانا فرادي بالايماء إلى أي جهة قدروا) لقوله تعالى * (فإن خفتم فرجا لا أو ركبانا) * (البقرة: 239) والتوجه إلى القبلة للضرورة. أراد بالاشتداد أن لا يتهيأ لهم النزول عن الدابة كما في غاية البيان. قيد بقوله فرادي لأنه لا يجوز بجماعة لعدم الاتحاد في المكان إلا إذا كان راكبا مع الإمام على دابة واحدة فإنه يجوز اقتداء المتأخر منهما بالمتقدم اتفاقا. ويرد على المصنف ما إذا صلى راكبا في المصر فإنه لا يجوز إلا أن يقال: إنه معلوم مما قدمه من أن التطوع لا يجوز في المصر راكبا فكذا الفرض للضرورة. وقيد بالركوب لأنه لا يجوز ماشيا في غير المصر لأن المشي