البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٦٣
مطلقا فإنه وإن كان لا يحل إلا بها إلا أنه ليس بعبادة مقصودة، ولا يقال إن دخول المسجد عبادة وإن لم يكن للصلاة بل للاعتكاف لأنا نقول: العبادة هي الاعتكاف ودخول المسجد تبع له فكانت عبادة غير مقصودة. ولو تيمم لسجدة الشكر لا يصلي به المكتوبة، وعند محمد يصليها بناء على بناء على أنها قربة عنده، وعندهما ليست بقربة. كذا في التوشيح. وفي فتح القدير: فإن قلت ذكرت أن نية التيمم لرد السلام لا تصححه على ظاهر المذهب مع أنه عليه السلام تيمم لرد السلام على ما أسلفته في الأول. فالجواب أن قصد رد السلام بالتيمم لا يستلزم أن يكون نوى عند فعل التيمم التيمم له بل يجوز كونه نوى ما يصح معه التيمم ثم يرد السلام إذا صار طاهرا ا ه‍. ولقائل أن يمنع عدم صحة التيمم للسلام كما زعمه لأن المذهب أن التيمم للسلام صحيح، وإنما الكلام في جواز الصلاة به ولهذا قال قاضيخان في فتاواه: ولو تيمم للسلام أو لرده لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم ولم يقل لا يجوز تيممه، فعلم أن جواز الصلاة به حكم آخر لا تعلق له بما فعله عليه السلام فإنه تيمم للسلام عند فقد الماء، ولا شك في صحته. قال النووي في شرح مسلم: وهذا الحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان عادما للماء حال التيمم فإن التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادر على استعماله ا ه‍. وعلى أصولنا لا حاجة إلى هذا الحمل فإن عندنا ما يفوت لا إلى خلف يجوز التيمم له مع وجود الماء كصلاة الجنازة، ولا شك أن رد السلام منه بناء على أنه عليه السلام لا يذكر الله تعالى إلا على طهارة، بل عندنا ما هو أعم من ذلك وهو أن ما ليست الطهارة شرطا في فعله وحله فإنه يجوز التيمم له مع وجود الماء كدخول المسجد للمحدث، ولهذا قال في المبتغى بالغين المعجمة: ويجوز التيمم لدخول مسجد عند وجود الماء وكذا للنوم فيه ا ه‍.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست