البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٠٠
والقمر وغير ذلك، أما دقائق علم الهيئة وصور النجوم الثوابت فهو معذور في الجهل بها اه‍. فالحاصل أن محل التحري أن يعجز عن الاستقبال بانطماس الأعلا وتراكم الظلام وتضام الغمام كما ذكره المصنف في كافيه، وهو يرجح ما في الظهيرية من أن السماء إذا كانت مصحية لا يجوز التحري ولا يعذر بالجهل. وذكر الشارح أنه لا يجوز التحري مع المحاريب. وفي الظهيرية: رجل اشتبهت عليه القبلة في المسجد ولم يكن أحد يعرفه القبلة قال في الأصول: يجوز له التحري لأنه عجز عمن يسأله فصارة كالمفازة. وقال أئمة بلخ منهم الفقيه أبو جعفر: لا تجوز له الصلاة بالتحري وعلل فقال: إن هذه نائبة العقبى فتعتبر بنائبة الدنيا، ولو حدثت به نائبة الدنيا فإنه يستغيث بجيران المسجد كذلك ههنا يجب أن يستغيث بهم. وإن كان في مسجد نفسه قال بعضهم هو كالبيت لا يجوز له التحري. وقال بعضهم:
مسجده ومسجد غيره سواء. وروى أبو جعفر عن سلام بن حكيم أنه قال: محاريب خراسان كلها منصوبة إلى الحجر الأسود والحجر الأسود إلى ميسرة الكعبة، ومن توجه إلى الكعبة ومال بوجهه إلى ميسرة الكعبة وقع وجهه إلى جبل أبي قبيس، ومن مال بوجهه إلى يمينها وقع وجهه إلى الكعبة، ولهذا قيل يجب أن يميل إلى يمينها. قال: ومحاريب الدنيا كلها نصبت بالتحري حتى منى ولم يزد عليه شيئا، وهذا خلاف ما نقل عن أبي بكر الرازي في محراب المدينة أنه مقطوع به فإنه إنما نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي بخلاف سائر البقاع حتى قيل أن محراب منى نصب بالتحري والعلامات وهو أقرب المواضع إلى مكة اه‍. وبهذا تبين أن قولهم لغير المكي أصابة جهتها ليس على إطلاقه بل في غير المدني فإن المدني كالمكي يفترض عليه إصابة عينها كما صرح به في السراج الوهاج أيضا. وأطلق في الاشتباه فشمل ما إذا كان بمكة أو بالمدينة بأن كان محبوسا ولم يكن بحضرته من يسأله فصلى بالتحري ثم تبين أنه أخطأ، روي عن محمد أنه لا إعادة عليه، وكان الرازي يقول: تلزمه الإعادة لأنه تيقن بالخطأ إذا كان بمكة أو بالمدينة والأول أحسن. كذا في الظهيرية. وفي فتاوى قاضيخان: رجل صلى في المسجد في ليلة مظلمة بالتحري فتبين أنه صلى إلى غير القبلة جازت صلاته لأنه ليس له أن يقرع أبواب
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»
الفهرست