البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥١١
الركوع طأطأة الرأس. ومقتضى الأول أنه لو طأطأ رأسه ولم يحن ظهره أصلا مع قدرته عليه لا يخرج عن عهدة فرض الركوع وهو حسن. كذا في شرح منية المصلي. وفيها: الأحدب إذا بلغت حدوبته إلى الركوع يخفض رأسه في الركوع فإنه القدر الممكن في حقه. وحقيقة السجود وضع بعض الوجه على الأرض مما لا سخرية فيه فدخل الانف، وخرج الخد والذقن وما إذا رفع قدميه في السجود فإن السجود مع رفع القدمين بالتلاعب أشبه منه بالتعظيم والاجلال، وسيأتي أنه يكفيه وضع أصبع واحدة وأنه يصح الاقتصار على الجبهة وعلى الانف وحده وبيان الخلاف في ذلك. وبما قررناه علم أن تعريف بعضهم السجود بوضع الجبهة ليس بصحيح لأن وضعها ليس بركن لأنه يجوز الاقتصار على الانف من غير عذر عند أبي حنيفة وإن كان الفتوى على قولهما. والمراد من السجود والسجدتان فأصله ثابت بالكتاب والسنة والاجماع، وكونه مثنى في كل ركعة بالسنة والاجماع وهو أمر تعبدي لم يعقل له معنى على قول أكثر مشايخنا تحقيقا للابتلاء. ومن مشايخنا من يذكر له حكمة فقيل إنما كان مثنى ترغيما للشيطان حيث لم يسجد فإنه أمر بسجدة فلم يفعل فنحن نسجد مرتين ترغيما له.
وقيل: الأولى لامتثال الامر والثانية ترغيما له حيث لم يسجد استكبارا. وقيل: الأولى لشكر الايمان والثانية لبقائه. وقيل: في الأولى إشارة إلى أنه خلق من الأرض، وفي الثانية إلى أنه يعاد إليها. وقيل: لما أخذ الميثاق على ذرية آدم أمرهم بالسجود تصديقا لما قالوا فسجد المسلمون كلهم وبقي الكفار، فلما رفع المسلمون رؤوسهم رأوا الكفار لم يسجدوا فسجدوا ثانيا شكرا للتوفيق كما ذكره شيخ الاسلام.
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست