البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٠٤
المفسرون: هي بيت المقدس، ثم مسائل حسن التحري في القبلة على عشرين وجها لأنه لا يخلو إما إن لم يشك ولم يتحر أو شك وتحرى، أو شك ولم يتحر، أو تحرى ولم يشك، وكل وجه على خمسة لأنه إما أن يظهر إنه أصاب في الصلاة أو بعد الفراغ، أو أخطأ في الصلاة أو بعدها، أولم يظهر شئ. أما الأول فإن ظهر أنه أخطأ لزمه الاستقبال سواء كان في الصلاة أو بعد الفراغ منها، وإن ظهر أنه أصاب قبل الفراغ ففيه اختلاف، فذهب الإمام محمد بن الفضل إلى أنه يلزمه الاستقبال لأن افتتاحه كان ضعيفا وقد قوي حالة بظهور الصواب ولا يبني القوي على الضعيف، والصحيح كما في المبسوط والخانية أنه لا يلزمه الاستقبال لأن صلاته كانت جائزة ما لم يظهر الخطأ، فإذا تبين أنه أصاب لا يتغير حاله، وإن تبين بعد الفراغ أنه أصاب بيقين أو بأكبر رأيه أو لم يظهر من حاله شئ حتى غاب عن ذلك الموضع فصلاته جائزة لأن الأصل الجواز لم يوجد ما يرفعه. وأما الثاني وهو ما إذا شك وتحرى فحكمه ما ذكر في الكتاب وهو الصحة في الوجوه الخمس. وأما الثالث وهو ما إذا شك ولم يتحر فهي فاسدة في الوجوه كلها إلا إذا تبين له بعد الفراغ أنه أصاب القبلة بيقين، فإن كان أكبر رأيه أنه أصابها قال قاضيخان: اختلفوا فيه، قال شمس الأئمة السرخسي: الصحيح أنه لا تجوز صلاته. وأما الرابع فهو فاسد الوضع لأن التحري إنما يكون عند الشك فإذا لم يشك لم يتحر فلذا لم يذكروه. وفي الظهيرية: ولو صلى بالتحري وخلفه نائم ومسبوق فبعد فراغ الإمام تحول رأيهما إلى جهة أخرى. فالمسبوق يتحول إلى الجهة التي وقع تحريه إليها، واللاحق تفسد صلاته. قيد بتحويل الرأي في أمر القبلة لأنه لو تحرى في الثوبين فصلى في أحدهما بالتحري ثم تحول تحريه إلى ثوب آخر فكل صلاة صلاها في الثوب الأول جازت دون الثاني.
كذا في الظهيرية.
قوله (ولو تحرى قوم جهات وجهلوا حال إمامهم يجزئهم) لأن القبلة في حقهم جهة التحري وهذه المخالفة غير مانعة لصحة الاقتداء كما في جوف الكعبة فإنه لو جعل بعض القوم ظهره إلى ظهر الإمام صح. وقيد بجهلهم إذ لو علم واحد منهم حال إمامه حالة الأداء وخالف جهته لم تجز صلاته لأنه اعتقد إمامه على الخطأ بخلاف جوف الكعبة لأنه ما اعتقد إمامه مخطئا إذا الكل قبلة. ولم يقيد المصنف بعدم تقدم أحد على الإمام لأن من المعلوم أن من تقدم على إمامه فسدت صلاته كما في جوف الكعبة لتركه فرض المقام.
وهذا المسألة من مسائل الجامع الصغير وهي في كتاب الأصل أتم فإنه قال: لو أن جماعة
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»
الفهرست