البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٠٣
ترك ما أمر به وهو الصلاة في ثوب طاهر وعلى طهارة وهو قد أتى بما أمر به وهو التحري، وفي الكافي ما يدل على جواز التحري في الأواني والثياب وفيه تفصيل مذكور في الظهيرية قال: ويجوز التحري في الثوب الواحد حالة الضرورة والثوبين والثياب وإن كان النجس غالبا، وفي الإنائين لا يجوز إلا رواية عن أبي يوسف لكنه إذا توضأ بهما واحدا بعد واحد وصلى ينظر، إن توضأ بالأول وصلى جاز لأن وضوءه من الأول تحر منه أنه طاهر كما لو قال لامرأتيه إحداكما طالق ثم وطئ إحداهما تعينت الأخرى للطلاق، فلو توضأ بالثاني ثم صلى ينبغي أن لا تجوز صلاته لأنه توضأ بماء نجس، وإن لم يحدث ولم يصل بعدما توضأ من الأول حتى توضأ بالثاني قال عامتهم: لا يجوز لأن أعضاءه صارت نجسة. وقال بعضهم:
يجوز وهو الصحيح لأنه لما لم يجز التحري عندنا لغلبة النجاسة أو لاستواء الطاهر بالنجس يهريق المياه كلها ويتيمم ويصلي أو يخلط المياه كلها حتى تصير المياه كلها نجسة ثم يتيمم احترازا عن إضاعة الماء، ولو لم يهرقها جاز له التيمم. قالوا: هذا قول أبي حنيفة. وقالا: لا يجوز تيممه إلا بعد الإراقة. وقال ابن زياد: يخلطها ثم يتيمم. وإن كان عند ثلاثة ثلاث أوان أحدها نجس ووقع تحري كل واحد منهم على إناء جازت صلاتهم فرادى، ولو كان أحدهما سؤر حمار والآخر طاهرا يتوضأ بهما ولا يتيمم اه‍..
قوله (وإن علم به في صلاته استدار) أي إن علم بالخطأ لأن تبدل الاجتهاد بمنزلة تبدل النسخ وقد روي أن قوما من الأنصار كانوا يصلون بمسجد قباء إلى بيت المقدس فأخبروا بتحول القبلة فاستداروا كهيئتهم. وفيه دليل على جواز نسخ الكتاب السنة إذ لا نص على بيت المقدس في القرآن فعلم أنه كان ثابتا بالسنة ثم نسخ بالكتاب، وعلى أن حكم النسخ لا يثبت حتى يبلغ المكلف، وعلى أن خبر الواحد يوجب العمل. كذا ذكر الشارح. وفي كون بيت المقدس ثبت التوجه إليه بالسنة فقط بحث بل في القرآن العظيم ما يدل عليه فإنه قال تعالى * (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) * (البقرة: 142) قال
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست