البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٩٩
يمكنه الركوب إلا بمعين، أو كان شيخا كبيرا لا يمكنه أن يركب إلا بمعين ولا يجده، فكما تجوز له الصلاة على الدابة ولو كانت فرضا وتسقط عنه الأركان كذلك يسقط عنه التوجه إلى القبلة إذا لم يمكنه ولا إعادة عليه إذا قدر، فالحاصل أن الطاعة بحسب الطاقة.
قوله (ومن اشتبهت عليه القبلة تحرى) أي إذا عجز عن تعرف القبلة بغير التحري لزمه التحري وهو بذل المجهود لنيل المقصود لأن الصحابة تحروا وصلوا. وقيل في قوله تعالى * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * أي قبلته أنها نزلت في الصلاة حالة الاشتباه.
قيدنا بالعجز عن التعرف إلا به لأنه لو قدر على تعرف القبلة بالسؤال من أهل ذلك الموضع ممن هو عالم بالقبلة فلا يجوز له التحري لأن الاستخبار فوقه لكون الخبر ملزما له ولغيره، والتحري ملزم له دون غيره فلا يصار إلى الأدنى مع إمكان الاعلى بخلاف ما إذا لم يكن من أهله فإنه لا يقلده لأن حاله كحاله، فإن لم يخبره المستخبر حين سأله فصلى بالتحري ثم أخبره لا يعيد ولو كان مخطئا. وبناء هذا ما ذكر في التجنيس: تحرى فأخطأ فدخل في الصلاة وهو لا يعلم ثم علم وحول وجهه إلى القبلة فدخل رجل في صلاته وقد علم حالته الأولى لا تجوز صلاة الداخل لعلمه أن الإمام كان على الخطأ في أول الصلاة اه‍. وكذا إذا كان في المفازة والسماء مصحية وله علم بالاستدلال بالنجوم على القبلة لا يجوز له التحري لأن ذلك فوقه. وفي الظهيرية: رجل صلى بالتحري إلى جهة في المفازة والسماء مصحية لكنه لا يعرف النجوم فتبين أنه أخطأ القبلة هل يجوز؟ قال رضي الله عنه قال أستاذنا ظهير الدين المرغيناني:
يجوز وقال غيره: لا يجوز لأنه لا عذر لاحد في الجهل بالأدلة الظاهرة المعتادة نحو الشمس
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»
الفهرست