البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
واعتبار معنى الجريان ساقط ولهذا لا يشترط التوالي في النزح حتى لو نزح في كل يوم دلو جاز، ويتفرع على عدم اشتراط التوالي أنه إذا نزح البعض ثم ازداد في الغد، وقيل ينزح كله، وقيل مقدار البقية. هذا مع أن في اشتراط التوالي خلافا نقله في معراج الدراية لكن المختار عدم اشتراطه، وأنه إذا ازداد في اليوم الثاني لا ينزح إلا ما بقي. إليه أشار في الخلاصة. وأشار المصنف رحمه الله بقوله بموت نحو فارة إلى أن ما يعادل الفأرة في الجثة حكمه حكمها وأورد عليه سؤالا وجوابا في المستصفى فقال: فإن قيل قد مر أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار والنص ورد في الفارة والدجاجة والآدمي وقد قيس ما عادلها بها قلنا:
بعد ما استحكم هذا الأصل صار كالذي ثبت على وقف القياس في حق التفريع عليه كما في الإجارة وسائر العقود التي يأبى القياس جوازها ا ه‍. ولا يخفى ما فيه فإنه ظاهر في أن للرأي مدخلا في بعض مسائل الآبار وليس كذلك فالأولى أن يقال: إن هذا إلحاق بطريق الدلالة لا بالقياس كما اختاره في معراج الدراية.
قوله: (وأربعون بنحو حمامة) أي ينزح أربعون دلوا وسطا بموت نحو حمامة وقد تقدم دليله قريبا، وقد ذكر المصنف في هذين النوعين القدر الواجب ولم يذكر المستحب ولم يتعرض له الشارح الزيلعي أيضا، والمذكور في غيرهما أن المستحب في نحو الفأرة عشرة، وفي نحو الدجاجة اختلف كلام محمد في الأصل والجامع الصغير، ففي الأصل ما يفيد أن المستحب عشرون، وفي الجامع الصغير عشرة. قال في الهداية: وهو الأظهر. وعلل له في غاية البيان بأن الجامع الصغير صنف بعد الأصل فأفاد أن الظهور من جهة الرواية لا من جهة الدراية.
وقد يقال من جهة الدراية إن الذي يضعف بسبب كبر الحيوان، إنما هو الواجب لا المستحب. واعلم أن القدر المستحب المذكور لم يصرح به في ظاهر الرواية وإنما فهمه بعض المشايخ من عبارة محمد رحمه الله حيث قال: ينزح في الفارة عشرون أو ثلاثون، وفي الهرة أربعون أو خمسون فلم يرد به التخيير، بل أراد به بيان الواجب والمستحب، وليس هذا الفهم بلازم بل يحتمل أنه إنما قال ذلك لاختلاف الحيوانات في الصغر والكبر ففي الصغير ينزح الأقل، وفي الكبير ينزح الأكثر. وقد اختار هذا بعضهم كما نقله في البدائع، ولعل هذا هو
(٢٠٩)
مفاتيح البحث: الإستحباب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست