البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢١٣
غيرها كدم الشهيد طاهر في حق نفسه، ولا يجب نزح الطين في شئ من الصور لأن الآثار إنما وردت بنزح الماء، وفي المجتبى: وكلما نزح من البئر شئ طهر من الدلو بقدره وليتأمل فيه. وفي فتاوى قاضيخان: ولا يطين المسجد بطين البئر التي نزحت احتياطا. ثم نجاسة البئر بعد إخراج الفارة وغيرها غليظة، ثم بقدر ما ينزح تخف، فلو صب الدلو الأول من بئر وجب فيها نزح عشرين في بئر طاهرة ينزح من الثانية عشرون، ولو صب الثاني ينزح تسعة عشر وكذا الثالث على هذا، ولو صب الدلو الأخير ينزح دلو مثله، والأصل في هذا أن البئر الثانية تطهر بما تطهر به الأولى. ولو أخرجت الفارة وألقيت في بئر طاهرة وصب أيضا فيها عشرون من الأولى يجب إخراج الفأرة ونزح عشرين دلوا لأن الأولى تطهر به فكذا الثانية، ولو صب الدلو العاشرة في بئر طاهرة ينزح منها عشر دلاء في رواية أبي سليمان، وفي رواية أبي حفص إحدى عشرة وهو الأصح. قال الأسبيجابي: ووفق بين الروايتين فالأولى سوى المصبوب والثانية مع المصبوب فلا خلاف. ولو صب ماء بئر نجسة في بئر آخر وهي نجسة أيضا ينظر بين المصبوب وبين الواجب فيها فأيهما كان أكثر أغنى عن الأقل، فإن استويا فنزح أحدهما يكفي. مثاله بئران ماتت في كل منهما رفاة فنزح من إحداهما عشرة مثلا وصب في الأخرى ينزح عشرون ولو صب دلو واحد فكذلك، ولو ماتت فأرة في بئر ثالثة فصب من إحدى البئرين عشرون ومن الأخرى عشرة ينزح ثلاثون، ولو صب فيها من كل عشرون نزح أربعون، وينبغي أن ينزح المصبوب، ثم الواجب فيها على رواية أبي حفص، ولو نزح دلو من الأربعين وصب في العشرين ينزح الأربعون لأنه لو صب في بئر طاهرة ينزح كذلك فكذا هذا. وهذا كله قول محمد، وعن أبي يوسف روايتان في رواية ينزح جميع الماء، وفي رواية ينزح الواجب والمصبوب جميعا فقيل له: إن محمدا روى عنك الأكثر فأنكر..
وكذا قال أبو يوسف في بئرين وقع في كل منهما سنور فنزح من إحداهما دلو وصب في الأخرى ينزح ماؤها كله على الرواية الأولى لأن الدلو الذي نزح أخذ حكم النجاسة، ولهذا لو أصاب الثوب نجسه ويجب غسله فصار كما إذا وقع في البئر نجاسة أخرى، واقتصر على هذه الرواية في التجنيس. ودفعه في فتح القدير بأن هذا إنما يظهر وجهه في المسألة السابقة وهي ما إذا كان المصبوب فيها طاهرة، أما إذا كانت نجسة فلا، لأن أثر نجاسة هذا الدلو إنما يظهر فيما إذا ورد على طاهر وقد ورد هنا على نجس فلا يظهر أثر نجاسته فتبقى الموردة على ما كانت فتطهر بإخراج القدر الواجب. وجه دفعه عن المسألة
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست