البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٢٠
في الماء قد تحقق وهو سبب ظاهر للموت والموت فيه في نفس الامر قد خفي، فيجب اعتباره مات فيه إحالة على السبب الظاهر عند خفاء المسبب دون الموهوم وهو الموت بسبب آخر كمن جرح إنسانا ولم يزل صاحب فراش حتى مات يضاف موته إلى الجرح حتى يجب القصاص وإن احتمل موته بسبب آخر، وكذا إذا وجد قتيل في محله يضاف القتل إلى أهلها حتى تجب القسامة والدية عليهم وإن احتمل أنه قتل في موضع آخر غير أن الانتفاخ دليل التقادم فيقدر بالثلاث، ولهذا يصلي على القبر إلى ثلاثة أيام على ما قيل، وعدم الانتفاخ دليل قرب العهد فقدرناه بيوم وليلة لأن ما دون ذلك ساعات لا يمكن ضبطها لتفاوتها. وأما مسألة النجاسة فقد قال المعلى بن منصور الرازي تلميذهما إنها على الخلاف، فإن كانت يابسة يعيد صلاة ثلاثة أيام، وإن كانت طرية يعيد صلاة يوم وليلة عنده فلا يحتاج إلى الفرق، ولو سلم أنها على الوفاق كما قدمنا أنه الأصح فالفرق له واضح وهو أن الثوب بمرأى عينه يقع عليه بصره فلو كانت النجاسة أصابته قبل ذلك لعلم بها بخلاف البئر فإنها غائبة عن بصره فلا يصح القياس، وما ذكره المعلى رحمه الله يحتمل كونه رواية عن الإمام وهو ظاهر ما ذكره القاضي الأسبيجابي وصاحب البدائع، ويحتمل أنه تفقه منه بطريق القياس على مسألة البئر وهو ظاهر ما في المحيط وهو الحق فقد قال الحاكم الشهيد: إن المعلى قال ذلك من دأب نفسه. وأما مسألة الميراث فالمرأة محتاجة إلى الاستحقاق والظاهر لا يصلح حجة لها وإنما يصلح للدفع والورثة هم الدافعون. وفي المجتبى: وحكم ما عجن به حكم الوضوء والغسل. وكان الصباغي يفتي بقول أبي حنيفة فيما يتعلق بالصلاة، وبقولهما فيما سواه. كذا في معراج الدراية. وفي غاية البيان: وما قاله أبو حنيفة احتياط في أمر العبادة، وما قالاه عمل باليقين ورفق بالناس. وفي تصحيح الشيخ قاسم رحمه الله وفي فتاوى العتابي: المختار قولهما. قلت: هو المخالف لعامة الكتب فقد رجح دليله في كثير من الكتب وقالوا: إنه الاحتياط فكان العمل عليه. وذكر الأسبيجابي أن ما عجن به قال بعضهم يلقى إلى الكلاب، وقال بعضهم يعلف المواشي، وقال بعضهم يباع من شافعي المذهب أو داودي المذهب اه‍.
واختار الأول في البدائع وجزم به بصيغة قال مشايخنا يطعم للكلاب.
فروع: ذكر ابن رستم في نوادره عن أبي حنيفة: من وجد في ثوبه منيا أعاد من آخر ما احتلم، وإن كان دما لا يعيد لأن دم غيره قد يصيبه، والظاهر أن الإصابة لم تتقدم زمان وجوده، فأما مني غيره لا يصيب ثوبه فالظاهر أنه منيه فيعتبر وجوده من وقت وجود سبب
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست