البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢١١
والمطارف أردية من خز مربعة لها أعلام، مفردها مطرف بكسر الميم وضمها. وأما رواية عطاء فرواها ابن أبي شيبه في مصنفه والطحاوي في شرح الآثار أن حبشيا وقع في بئر زمزم فمات فأمر ابن الزبير فنزح ماؤها فجعل الماء لا ينقطع فنظر فإذا عين تجري من قبل الحجر الأسود فقال ابن الزبير: حسبكم. وأما رواية عمرو بن دينار فرواها البيهقي والآمر فيها بالنزح ابن عباس، وأما رواية قتادة فرواها ابن أبي شيبة في مصنفة والآمر ابن عباس. وأما رواية أبي الطفيل فرواها البيهقي والآمر ابن عباس. فإن قالوا رواية ابن سيرين مرسلة لأنه لم يلق ابن عباس بل سمعها من عكرمة وكذا قتادة لم يلق ابن عباس، وأما رواية ابن دينار ففيها ابن لهيعة ولا يحتج به، وأما رواية أبي الطفيل ففيها جابر الجعفي ولا يحتج به، وأما عطاء فهو وإن سمع من ابن الزبير بلا خلاف لكن وجد ما يضعف روايته وهو ما رواه البيهقي عن سفيان بن عيينة أنه قال: إنا بمكة منذ سبعين سنة لم أر صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا إنه وقع في بئر زمزم، ولا سمعت أحدا يقول نزحت زمزم. ثم أسند عن الشافعي أنه قا: لا يعرف هذا عن ابن عباس، وكيف يروي ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ ويتركه؟ وإن كان قد فعل فلنجاسة ظهرت على وجه الماء أو نزحها للتنظيف لا للنجاسة فإن زمزم للشرب. فالجواب أن ابن سيرين لما أرسل عن ابن عباس وكان الواسطة بينهما ثقة وهو عكرمة كان الحديث صحيحا محتجا به، وفي التمهيد لابن عبد البر مراسيل ابن سيرين عندهم حجة صحاح كمراسيل سعيد بن المسيب. وأما الجعفي فقد وثقه الثوري وشعبة واحتمله الناس ورووا عنه ولم يختلف أحد في الرواية عنه، ورواه الطحاوي عنه أيضا، وأما ابن لهيعة قال ابن عدي: هو حسن الحديث يكتب حديثه وقد حدث عنه الثقات الثوري وشعبة وعمرو بن الحارث والليث ابن سعد. وأما عدم علم سفيان والشافعي فلا يصلح دليلا، في دين الله تعالى والاثبات مقدم على النفي، فإن لم يعرفا فقد عرف غيرهما ممن ذكرناه من الاعلام الأئمة وإثباتهم مقدم على نفي غيرهم مع أن بينهما وبين ذلك الوقت قريبا من مائة وخمسين سنة. وأما رواية ابن عباس الماء لا ينجسه شئ فيجوز أن يكون وقع عنده دليل أوجب تخصيصه فإن روايته كعلم المخالف به فكما قال الشافعي رحمه الله بتنجيس ما دون القلتين بدون تغير لدليل آخر وقع عنده أوجب تخصيص هذا الحديث لا يستبعد مثله لابن عباس. وأما تجويز كون النزح لنجاسة ظهرت أو للتنظيف فمخالف لظاهر الكلام لأن الظاهر من قول القائل مات فأمر بنزحها أنه للموت لا لنجاسة أخرى كقولهم زنى فرجم وسها فسجد وسرق فقطع على أن عندهم لا ينزح أيضا للنجاسة، ولو كان للتنظيف لم يأمر بنزحها ولم يبالغوا هذه المبالغة العظيمة من سد العين. وقول النووي كيف يصل هذا
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست