البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٠٨
وإنما ذكره أصحابنا في كتب الفقه على عادتهم، وفي فتح القدير: ذكر مشايخنا ما أنس والخدري غير أن قصور نظرنا أخفاه عنا. وقال الشيخ علاء الدين: إن الطحاوي رواهما من طرق وتعقبه تلميذه الإمام الزيلعي المخرج بأني لم أجدها في شرح الآثار للطحاوي ولكنه أخرج عن حماد بن أبي سليمان أنه قال في دجاجة وقعت في البئر فماتت قال: ينزح منها قدر أربعين دلوا أو خمسين. وأجاب عنه المحقق السراج الهندي بأنه يجوز أن يكون الطحاوي ذكرهما في كتاب اختلاف العلماء له أو في أحكام القرآن له أو في كتاب آخر، ولا يلزم من عدم الوجدان في الآثار عدم الوجود مطلقا. الثالث حديث الزنجي في بئر زمزم وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى واختلف في تفسير الدلو الوسط فقيل هي الدلو المستعمل في كل بلد، وقيل المعتبر في كل بئر دلوها لأن السلف لما أطلقوا انصرف إلى المعتاد، واختاره في المحيط والاختيار والهداية وغيرها وهو ظاهر الرواية لأنه مذكور في الكافي للحاكم. وقيل ما يسع صاعا وهو ثمانية أرطال، وقيل عشرة أرطال، وقيل غير ذلك. والذي يظهر أن البئر إما أن يكون لها دلو أو لا، فإن كان لها دلوا اعتبر به وإلا اتخذ لها دلو يسع صاعا وهو ظاهر ما في الخلاصة وشرح الطحاوي والسراج الوهاج، وحينئذ فينبغي أن يحمل قول من قدر الدلو على ما إذا لم يكن للبئر دلو كما لا يخفى، فلو نزح القدر الواجب فيها بحسب دلوها أو دلوهم بدلو واحد كبير أجزأ وحكم بطهارتها وهو ظاهر المذهب، وكان الحسن بن زياد يقول: لا تطهر إلا بنزح الدلاء المقدرة الواجبة لأن عند تكرار النزح ينبع الماء من أسفله ويؤخذ من أعلاه فيكون كالجاري وهذ لا يحصل بدلو واحد، وإن كان عظيما، كذا في البدائع ونقله في التبيين والنهاية عن زفر. قلنا: قد حصل المقصود وهو إخراج القدر الواجب
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست