الخبر إلى أهل الكوفة ويجهله أهل مكة وسفيان بن عيينة كبير أهل مكة استبعاد بعد وضوح الطريق ومعارض بأن جمهور الصحابة كعلي وأصحابه وابن مسعود وأصحابه وأبي موسى الأشعري وأصحابه وابن عباس وجماعة من أصحابه وسلمان الفارسي وعامة أصحابه والتابعين انتقلوا إلى الكوفة والبصرة ولم يبق بمكة إلا القليل، وانتشروا في البلاد للجهاد والولايات وسمع الناس منهم، وانتشر العلم في جميع البلاد الاسلامية منهم حتى قال العجلي في تاريخه: نزل الكوفة ألف وخمسمائة من الصحابة، ونزل قرقيسا ست مائة، فيجوز أن يعرف أهل الكوفة أكثر من أهل مكة ولا ينكر هذا إلا مكابر، وما ذكره أيضا مخالف لقول إمامه فقد حكى ابن عساكر عن الشافعي أنه قال لأحمد: أنتم أعلم بالاخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلموني حتى أذهب إليه، كوفيا كان أو بصريا أو شاميا، فهلا قال: كيف يصل إلى أهل الكوفة والبصرة والشام ويجهله أهل مكة والمدينة مع أن الغالب أن البئر إذا نزحت لا يحضرها أهل البلد ولا أكثرهم وإنما يحضر من له بصارة أو من يستعان به.
قوله: (وانتفاخ حيوان أو تفسخه) أي ينزح ماء البئر كله لأجل انتفاخ الحيوان الواقع فيها أو تفسخه مطلقا، صغر الحيوان أو كبر كالفارة والآدمي والفيل لانتشار البلة في أجزاء الماء لأن عند انتفاخه تنفصل بلته وهي نجسه مائعة فصارت كقطرة من خمر، ولهذا لو وقع ذنب فارة بنزح الماء كله لأن موضع القطع منه لا ينفك عن نجاسة بخلاف ما لو أخرجت قبل الانتفاخ لأن شيئا من أجزائها لم يبق في الماء بعد إخراجها والانتفاخ أن تتلاشى أعضاؤه والتفسخ أن تتفرق عضوا عضوا، وكذا إذا تمعط شعره فهو كالمنتفخ. قال في السراج الوهاج: فإن جعل على موضع القطع شمعة لم يجب إلا ما يجب على الفأرة ا ه. فروع: لا يفيد النزح قبل إخراج الواقع لأنه سبب النجاسة ومع بقائها لا يمكن الحكم بالطهارة إلا إذا تعذر إخراجه وكان مستنجسا كما قدمناه، وإذا لم يوجد في البئر القدر الواجب نزح ما فيها فإذا جاء الماء بعده لا ينزح منه شئ، لو غار الماء قبل النزح ثم عاد يعود نجسا لأنه لم يوجد المطهر. وإن صلى رجل في قعرها وقد جفت تجزئه. كذا في التجنيس لكن اختار في فتح القدير أنه لا يعود نجسا، وصرح في باب الأنجاس بأن فيه روايتين كنظائره والأصح عدم العود لأنه بمنزلة النزح. كذا في المعراج وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، لكن إنما يكون الأصح عدم العود فيما إذا جف أسفله، أما إذا غار ولم يجف أسفله فالأصح العود كما أفاده السراج الوهاج. وإذا طهرت البئر يطهر الدلو والرشا والبكرة ونواحي البئر ويد المستقي لأن نجاسة هذه الأشياء بنجاسة البئر فتطهر بطهارتها للحرج كدن الخمر يطهر تبعا إذا صار خلا، وكيد المستنجي تطهر بطهارة المحل، وكعروة الإبريق إذا كان في يده نجاسة رطبة فجعل يده عليها كلما صب على اليد فإذا غسل اليد ثلاثا طهرت العروة بطهارة اليد، ولو سال النجس على الآخر ثم وصل إلى الماء فنزحها طهارة للكل، وقيل الدلو طاهر في حق هذه البئر لا