إن ما ذكره في البدائع صريح في عدم صيرورة الماء القليل مستعملا باختلاط المستعمل الأقل منه به، وكذا ما ذكره الشارحون كالزيلعي والمحقق الكمال والسراج الهندي في بحث الماء المقيد كما نقلناه صريح في ذلك. وأما ما ذكره الدبوسي في الاسرار وما ذكره في الخلاصة وغيرها من نزح عشرين دلوا، وما ذكره الأكمل وشراح الهداية من كونه يفسد عند الكل، وما ذكره القاضي الأسبيجابي والولوالجي عن محمد، فكله مبني على رواية ضعيفة عن محمد لا على الصحيح من مذهب محمد، وسيظهر لك صدق هذه الدعوى الصادقة بالبينة العادلة. قال في المحيط: وإذا وقع الماء المستعمل في البئر يفسد الماء وينزح كله عند أبي يوسف لأنه نجس، وعند محمد لا يفسد ويجوز التوضؤ به ما لم يغلب على الماء وهو الصحيح لأن الماء المستعمل طاهر غير طهور فصار كالماء المقيد إذا اختلط بالماء المطلق ا ه بلفظه. وقال الشيخ العلامة المحقق سراج الدين الهندي في شرح الهداية: إذا وقع الماء المستعمل في البئر لا يفسد عند محمد، ويجوز الوضوء به ما لم يغلب على الماء وهو الصحيح كالماء المقيد إذا اختلط بالماء المطلق. وفي التحفة: يجوز الوضوء به ما لم يغلب على الماء على المذهب المختار. وإذا وقع الماء المستعمل في الماء المطلق القليل قال بعضهم: لا يجوز الوضوء به بخلاف بول الشاة مع أن كلا منهما طاهر عند محمد، والفرق له أن الماء المستعمل من جنس ماء البئر فلا يستهلك فيه والبول ليس من جنسه فيعتبر الغالب فيه. وفي فتاوى قاضيخان: لو صب الماء المستعمل في بئر ينزح منها عشرون دلوا لأنه طاهر عنده وكان دون الفأرة، وهذا على القول الذي لا يجوز استعمال ماء البئر. ا ه كلام العلامة السراج. فقد استفيد من هذا فوائد منها أن المشايخ اختلفوا في الماء القليل المستعمل إذا اختلط بالماء المطلق الأكثر منه القليل في نفسه،
(١٣٤)