البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٣٦
الصورتين من جهة الحكم، فالحاصل أنه يجوز الوضوء من الفساقي الصغار ما لم يغلب على ظنه أن الماء المستعمل أكثر أو مساو ولم يغلب على ظنه وقوع نجاسة. قال العلامة قاسم في رسالته:
فإن قلت إذا تكرر الاستعمال قد يجمع ويمنع قلت: الظاهر عدم اعتبار هذا المعنى في النجس فكيف بالطاهر. قال في المبتغى يعني بالغين المعجمة. قوم يتوضؤون صفا على شط النهر جاز فكذا في الحوض لأن حكم ماء الحوض في حكم ماء جار ا ه‍ بلفظه. قال العبد الضعيف:
الظاهر أنه يجمع ويمنع، وأما ما استشهد به من عبارة المبتغى فلا يمس محل النزاع لأن كلا منافي الحوض الصغير الذي لا يكون في حكم الجاري، وما في المبتغى مصور في الحوض الكبير بدليل قوله لأن حكم ماء الحوض في حكم ماء جار. وقد نقل المحقق العلامة كمال الدين بن الهمام عبارة المبتغى ثم قال: وإنما أراد الحوض الكبير بالضرورة، وأيضا ما في المبتغى مفرع على القول بنجاسة الماء المستعمل لا على القول بطهارته بدليل أن الحدادي في شرح القدوري ذكر ما في المبتغى تفريعا على القول بنجاسة الماء المستعمل وكلامنا هنا على القول بطهارته. ثم رأيت العلامة ابن أمير حاج في شرحه على منية المصلي قال في قول صاحب المنية وعن الفقيه أبي جعفر لو توضأ في أجمة القصب فإن كان لا يخلص بعضه إلى بعض جاز ما نصه: وإنما قيد الجواز بالشرط المذكور لأنه لو كان يخلص بعضه إلى بعض لا يجوز كما هو المفهوم المخالف لجواب المسألة لكن على القول بنجاسة الماء المستعمل، أما على طهارته فلا، بل يجوز ما لم يغلب على ظنه أن القدر الذي يغترفه منه لاسقاط فرض من مسح أو غسل ماء مستعمل أو ماء اختلط بماء مستعمل مساو له أو غالب عليه ا ه‍. والأجمة محركة الشجر الكثير الملتف. ثم قال أيضا: واتصال الزرع بالزرع لا يمنع اتصال الماء بالماء وإن كان مما يخلص فيجوز على الرواية المختارة في طهارة المستعمل بالشرط الذي سلف ولا يجوز على القول بنجاسته ا ه‍.
ثم ذكر أيضا مسائل على هذا المنوال وهو صريح فيما قدمناه من جواز الوضوء بالماء الذي اختلط به ماء مستعمل قليل، ويدل عليه أيضا ما ذكره الشيخ سراج الدين قارئ الهداية في فتاويه التي جمعها تلميذه ختام المحققين الكمال بن الهمام بما لفظه: سئل عن فسقية صغيرة يتوضأ فيها الناس وينزل فيه الماء المستعمل وفي كل يوم ينزل فيها ماء جديد، هل يجوز الوضوء فيها؟ أجاب: إذا لم يقع فيها غير الماء المذكور لا يضر ا ه‍. يعني إذا وقعت فيها نجاسة تنجست لصغرها ا ه‍.
قوله: (أو بماء دائم فيه نجس إن لم يكن عشرا في عشر) أي لا يتوضأ بماء ساكن
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست