وقعت فيه نجاسة مطلقا، سواء تغير أحد أوصافه أو لا ولم يبلغ الماء عشرة أذرع في عشرة.
اعلم أن العلماء أجمعوا على أن الماء إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة لا تجوز الطهارة به قليلا كان الماء أو كثيرا، جاريا كان أو غير جار. هكذا نقل الاجماع في كتبنا، وممن نقله أيضا النووي في شرح المهذب عن جماعات من العلماء وإن لم يتغير بها فاتفق عامة العلماء على أن القليل ينجس بها دون الكثير لكن اختلفوا في الحد الفاصل بين القليل والكثير، فقال مالك:
إن تغير أحد أوصافه بها فهو قليل لا يجوز الوضوء به وإلا فهو كثير، وحينئذ يختلف الحال بحسب اختلاف النجاسة في الكم. وقال الشافعي: إذا بلغ الماء قلتين فهو كثير فيجوز الوضوء به وإلا فهو قليل لا يجوز الوضوء به. وقال أبو حنيفة في ظاهر الرواية عنه: يعتبر فيه أكبر رأي المبتلى به إن غلب على ظنه أنه بحيث تصل النجاسة إلى الجانب الآخر لا يجوز الوضوء وإلا جاز. وممن نص على أنه ظاهر المذهب شمس الأئمة السرخسي في المبسوط وقال إنه الأصح. وقال الإمام الرازي في أحكام القرآن في سورة الفرقان: إن مذهب أصحابنا أن كل ما تيقنا فيه جزءا من النجاسة أو غلب على الظن ذلك لا يجوز الوضوء به، سواء كان جاريا أو لا ا ه. وقال الإمام أبو الحسن الكرخي في مختصره: وما كان من المياه في الغدران أو في مستنقع من الأرض وقعت فيه نجاسة نظر المستعمل في ذلك، فإن كان غالب رأيه أن النجاسة لم تختلط بجميعه لكثرته توضأ من الجانب الذي هو طاهر عنده في غالب رأيه في إصابة الطاهر منه، وما كان قليلا يحيط العلم أن النجاسة قد خلصت إلى جميعه أو كان ذلك في غالب رأيه لم يتوضأ منه ا ه. وقال ركن الاسلام أبو الفضل عبد الرحمن الكرماني في شرح الايضاح: واختلفت الروايات في تحديد الكثير والظاهر عن محمد أنه عشر في عشر والصحيح عن أبي حنيف أنه لم يوقت في ذلك بشئ وإنما هو موكول إلى غلبة الظن في خلوص النجاسة ا ه. وقال الحاكم الشهيد في الكافي الذي هو جمع كلام محمد قال أبو عصمة: كان محمد بن الحسن يوقت عشرة في عشرة ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وقال: لا أوقت فيه شيئا ا ه. وقال الإمام الأسبيجابي في شرح مختصر الطحاوي: ثم الحد الفاصل بين القليل والكثير عند أصحابنا هو الخلوص وهو أن يخلص بعضه من جانب إلى جانب ولم يفسر الخلوص في رواية الأصول. وسئل محمد عن حد الحوض فقال: مقدار مسجدي فذرعوه فوجدوه ثمانية في ثمانية وبه أخد محمد بن سلمة. وقال بعضهم: مسحوا مسجد محمد فكان داخله ثمانيا في ثمان وخارجه عشرا في عشر، ثم رجع محمد إلى قول أبي حنيفة وقال: لا أوقت فيه شيئا ا ه. وفي معراج الدراية: الصحيح عن أبي حنيفة أنه لم يقدر في