كشفت اللبس وأوضحت كل تخمين وحدس فإنها أفادت أن مقتضى مذهب محمد أن الماء لا يصير مستعملا باختلاط القليل من الماء المستعمل إلا أن محمدا حكم بأن الكل صار مستعملا حكما لا حقيقة. فما في البدائع محمول على أن مقتضى مذهب محمد عدم الاستعمال إلا أنه يقول بخلافه. وفي الخلاصة: رجل توضأ في طست ثم صب ذلك الماء في بئر ينزح منه الأكثر من عشرين دلوا، ومما صب فيه عند محمد وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ينزح ماء البئر كله لأنه نجس عندهما ا ه. وهذا يفيد صيرورة ماء البئر مستعملا بصب الماء القليل المستعمل عليه فبالأولى إذا توضأ فيها أو اغتسل. قلت: قد وقع في جواز الوضوء من الفساقي الصغار الموضوعة في المدارس كلام كثير بين الحنفية من الطلبة والأفاضل في عصرنا وقبله، وقد ألف الشيخ العلامة قاسم فيها رسالة وسماها رفع الاشتباه عن مسألة المياه واستدل فيها بما ذكرناه عن البدائع، ووافقه على ذلك بعض أهل عصره وأفتى به وتعقبه البعض الآخر وألف فيها رسالة وسماها زهر الروض في مسألة الحوض ونبه عليها في شرح منظومة ابن وهبان وقال: لا تغتر بما ذكره شيخنا العلامة
(١٣٢)