البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٢٩
كما هي عبارة القدوري تصحيحا لكلامه، ويدل عليه قوله في شرحه فغير بعض أوصافه من طعم أو ريح أو لون ذكره ب‍ " أو " التي هي لاحد الأشياء بعد من التي أوقعها بيانا للبعض، ولا يظهر لتغيير عبارة القدوري فائدة. وههنا تنبيهات مهمة لا بأس بإيرادها:
الأول أن مقتضى ما قالوه هنا من أن المخالط الجامد لا يقيد الماء إلا إذا سلبه وصف الرقة والسيلان جواز التوضؤ بنبيذ التمر والزبيب ولو غير الأوصاف الثلاثة، وقد صرحوا قبيل باب التيمم بأن الصحيح خلافه، وأن تلك رواية مرجوع عنها. وقد يقال إن ذلك مشروط بما إذا لم يزل عنه اسم الماء، وفي مسألة نبيذ التمر زال عنه اسم الماء فلا مخالفة كما لا يخفى.
الثاني أنه يقتضي أيضا أن الزعفران إذا اختلط بالماء يجوز الوضوء به ما دام رقيقا سيالا ولو غير الأوصاف كلها لأنه من قبيل الجامدات، والمصرح به في معراج الدراية معزيا إلى القنية أن الزعفران إذا وقع في الماء أمكن الصبغ فيه فليس بماء مطلق من غير نظر إلى الثخونة.
ويجاب عنه بما تقدم من أنه زال عنه اسم الماء. الثالث أنهم قد صرحوا بأن الماء المستعمل على القول بطهارته إذا اختلط بالماء الطهور لا يخرجه عن الطهورية إلا إذا غلبه أو ساواه، أما إذا كان مغلوبا فلا يخرجه عن الطهورية فيجوز الوضوء بالكل، وهو بإطلاقه يشمل ما إذا استعمل الماء خارجا ثم ألقي الماء المستعمل واختلط بالطهور أو الغمس في الماء الطهور لا فرق بينهما يدل عليه ما في البدائع في الكلام على حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم لا يقال إنه نهى لما فيه من إخراج الماء من أن يكون مطهرا من غير ضرورة وذلك
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست