وليس له قول ملزم في التبرعات أصلا فأما المكاتب إذا أوصى بثلث ماله ثم أدى فعتق ثم مات فعند أبي حنيفة الوصية باطلة وعند أبي يوسف هي صحيحة وهذا نظير ما سبق في كتاب العتاق إذا قال المكاتب كل مملوك أملكه فيما استقبل فهو حر ثم عتق فملك مملوكا وإذا أوصى الحربي المستأمن بماله لمسلم أو ذمي فهو جائز من قبل أن حكمنا لا يجرى على ورثته ومعنى هذا أن امتناع نفوذ الوصية فيما زاد على الثلث لحق الورثة بدليل أنهم إذا أجازوا كان نافذا وليس لورثته حق مرعى عندنا لان من في دار الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت ولان ثبوت الحرمة في هذا بسبب الأمان والأمان كان لحقه لا لحق ورثته ومن حقه تنفيذ وصيته لا ابطالها وان أوصى بأقل من ذلك القدر أجزت وصيته ورددت الباقي على ورثته لان ذلك مراعاة لحق المستأمن أيضا لا لحق ورثته ومن حقه تسليم ماله إلى ورثته إذا فرغ عن حاجته وتصرفه والزيادة على مقدار ما أوصى به فارغ عن ذلك * وكذلك لو أعتق عبدا له عند الموت أو دبر عبدا له في دار الاسلام فذلك صحيح منه من غير اعتبار الثلث وان شهد على وصيته أهل الذمة أجزت ذلك وان كانوا على غير ملته لان الكفر كله ملة واحدة وشهادة أهل الذمة على المستأمن مقبوله ولو أوصى له مسلم أو ذمي بوصية جاز ذلك لأنه ما دام في دارنا فهو في المعاملات بمنزلة الذمي بدليل عقود التمليكات في حالة الحياة وذكر في الأمالي أن على قول أبي حنيفة وأبى يوسف لا تصح الوصية من المسلم والذمي للمستأمن لأنه وإن كان في دارنا صورة فهو من أهل دار الحرب حكما حتى يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب ولا يتمكن من إطالة المقام في دار الاسلام ووصية من هو من أهل دار الاسلام لمن هو من أهل دار الحرب باطلة لان لتباين الدارين تأثيرا في قطع العصمة والموالاة ومحمد قال الوصية تبرع بالتمليك ابتداء بعد الموت فتعتبر بالتبرع في حالة الحياة كالهبة والصدقة وذلك صحيح من المسلم للمستأمن فكذلك هذا وان أوصى الحربي في دار الحرب بوصية ثم أسلم أهل الدار وصاروا ذمة ثم اختصموا في تلك الوصية فإن كانت قائمة بعينها أجزتها وان كانت قد استهلكت قبل الاسلام أبطلتها من قبل أنى لا آخذ أهل الحرب بما اغتصب بعضهم من بعض فالمستهلك قبل الاسلام بمنزلة المغصوب والمستهلك لا ضمان فيه على المستهلك وما كان قائما بعينه فالاسلام الموجود منه بعد العقد قبل حصول المقصود بمنزلة المقترن بالعقد فيجب تنفيذها ولا تجوز وصية الذمي بأكثر من الثلث لان أهل الذمة التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع
(٩٣)