المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٣٤
وقد انعدم بالاسلام فلهذا يقام عليه وتزويج السكران ولده الصغير وهبته وما أشبه ذلك من تصرفاته قولا أو فعلا صحيح لأنه مخاطب كالصاحي وبالسكر لا ينعدم عقله إنما يغلب عليه السرور فيمنعه من استعمال عقله وذلك لا يؤثر في تصرفه سواء كان شرب مكرها أو طائعا فاما إذا شرب البنج أو شيئا حلوا فذهب عقله لم يقع طلاقه في تلك الحالة لأنه بمنزلة المعتوه في التصرفات وان شهد رجلان على شهادة سكران أو شهد السكران على شهادة رجلين لم يصح ذلك من قبل أنه رجل فاسق وانه سكران لا يستقر على شئ واحد فيما يخبر به لهذا لو ارتد في حال سكره لا تبين منه امرأته استحسانا قال لا أظن سكرانا ينفلت من هذا وأشباهه وقد بينا هذا في السير وإذا أتى الامام برجل شرب خمرا وشهد به عليه شاهدان فقال إنما أكرهت عليه أو قال شربتها ولم أعرفها أقيم عليه الحد لان السبب الموجب للحد قد ظهر وهو يدعى عذرا مسقطا فلا يصدق على ذلك ببينة إذ لو صدق عليه من غير بينة لانسد باب إقامة حد الخمر أصلا وهذا بخلاف الزاني إذا ادعى النكاح لأنه هناك ينكر السبب الموجب للحد فبالنكاح يخرج الفعل من أن يكون زنا محصنا وهنا بعد الاكراه والجهل لا ينعدم السبب وهو حقيقة شرب الخمر إنما هذا عذر مسقط فلا يثبت الا ببينة يقيمها على ذلك ويكره للرجل أن يأكل على مائدة يشرب عليها الخمر هكذا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى أن يأكل المسلم على مائدة يشرب عليها الخمر ولان في ذلك تكثير جمع الفسقة واظهار الرضا بصنيعهم وذلك لا يحل للمسلم في عشر دواريق عصير عنب في قدر ثم يطبخ فيغلى فيقذف بالزبد فجعل يأخذ ذلك الزبد حتى جمع قدر دورق فإنه يطبخ حتى يبقي ثلاثة دواريق ثلث الباقي لان ما أخذه من الزبد انتقص من أصل العصير فيسقط اعتباره في الحساب فظهر أن الباقي من العصير تسعة دواريق فإنما يصير مثلثا إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثلاثة دواريق وان نقص منه دورق آخر في ذلك الغليان فكذلك الجواب لان ما نقص بالغليان في معني الداخل فيما بقي فلا يصير ذلك كأن لم يكن وإنما يلزمه الطبخ إلى أن يذهب ثلثا العصير * ولو صب رجل في قدر عشر دواريق عصير وعشرين دورقا ماء فإن كان الماء يذهب بالطبخ قبل العصير فإنه يطبخه حتى يذهب ثمانية اتساعه ويبقى التسع لأنه إذا ذهب ثلثاه بالغليان فالذاهب هو الماء فقط فعليه أن يطبخه بعد ذلك حتى يذهب ثلثا العصير ويبقى ثلثه وهو سبع الجملة وان كانا يذهبان بالغليان معا طبخه حتى يذهب ثلثاه لأنه ذهب بالغليان ثلثا
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156