وهي آية من الفاتحة عند بعض الأئمة والقراء فخجل الأمير وجعل يضرب الشرطي الذي جاء به يقول له أمرتك أن تأتيني بسكران فجئتني بمقرئ بلخ وإذا شهد عليه الشهود بالشرب وهو سكران حبسه حتى يصحو لان ما هو المقصود لا يتم بإقامة الحد عليه في حال سكره وقد بينا هذا والمملوك فيما يلزمه من الحد بالشرب كالحر إلا أن على المملوك نصف ما على الحر لقوله تعالى فعلين نصف ما على المحصنات من العذاب ولا حد على الذمي في شئ من الشراب لأنه يعتقد إباحة الشرب واعتقاد الحرمة شرط في السبب الموجب للحد وهذا لان الحد مشروع للزجر عن ارتكاب سببه وبدون اعتقاد الحرمة لا يتحقق هذا ثم قد بينا ان الحكم الخطاب قاصر عنهم في أحكام الدنيا لأنا أمرنا أن نتركهم وما يعتقدون ولهذا بقي الخمر مالا متقوما في حقهم ولهذا قلنا المجوسي إذا تزوج أمة ودخل بها لم يلزمه الحد وإن كان يقام عليه الحد بالزنا ولا يحد المسلم بوجود ريح الخمر منه حتى يشهد الشهود عليه بشربها أو يقر لان ربح الخمر شاهد زور فقد يوجد ريح الخمر من غير الخمر فان من استكثر من أكل السفرجل بوجد مه ريح الخمر ومنه قول القائل يقولون لي أنت شربت مدامة * فقلت لهم لا بل أكلت السفرجلا وقد توجد رائحة الخمر ممن شربها مكرها أو مضطرا لدفع العطش فلا يجوز أن يعتمد ربحها في إقامة الحد عليه ولو شهد عليه واحد انه شربها وآخر انه قاءها لم يحد لان من شربها مكرها أو مضطرا قد يقئ الخمر فسقط اعتبار شهادة الشاهد وإنما بقي على الشرب شاهد واحد وكذلك لو شهد على الشرب والريح منه موجود فاختلفا في الوقت لان الشرب فعل فعند اختلافهما في الوقت يكون كل واحد منهما شاهدا بفعل آخر وكذلك لو شهد أحدهما انه شربها وشهد الآخر انه أقر بشربها فإنه لا معتبر بالشهادة على الاقرار بالشرب لأنه لو أقر ثم رجع لا يقام عليه الحد ولان الشهادة قد اختلفت فأحدهما يشهد بالفعل والآخر بالقول وكذلك لو شهد أحدهما أنه سكران من الخمر وشهد الآخر انه سكران من السكر فإنما شهد كل واحد منهما بفعل آخر ولا يقال ينبغي أن يقام عليه الحد لما يرى من سكره لأنه قد يكون سكران من غير الشرب أو من الشرب بالايجار أو الاكراه على الشرب أو كان الشرب على قصد التداوي وقد بينا أن ذلك غير موجب للحد عليه ولا يحد باقراره في حال سكره من الخمر لان السكران لا يثبت على كلام واحد ولكنه يتكلم بالشئ وبضده والاصرار على
(٣١)