مثل نفقة المحجور عليه في تلك المدة وقضاه من ماله وأبطل الزيادة على ذلك لان في مقدار نفقة مثله لا فساد وفيما زاد على ذلك معنى الفساد والاسراف وإنما جعل هو كالذي لم يبلغ فيما فيه الفساد فاما في ما لا فساد فيه فهو كالرشيد (ألا ترى) أنه لو أقر على نفسه بالأسباب الموجبة للعقوبة كان مؤاخذا بذلك لأنه لا فساد في اقراره وإنما به يحصل التطهير لنفسه وآثر عقوبة الدنيا على عقوبة الآخرة وهو نظير أحد الورثة إذا أسرف في جهاز الميت وكفنه فإنه يحسب من أصل التركة مقدار جهاز مثله وما زاد على ذلك مما فيه إسراف يكون محسوبا عليه دون سائر الورثة ولو أودعه رجل مالا فأقر أنه استهلكه لم يصدق على ذلك ولم يلزمه بهذا الاقرار شئ أبدا لان اقراره غير ملزم إياه المال وهو فيه كالذي لم يبلغ ما دام محجورا عليه فان صلح سئل عما أقر به في حال فساده فان أقر انه قد كان استهلكه في حال فساده لم يلزمه ذلك أيضا لان الثابت باقراره كالثابت بالبينة والمعاينة ولو عايناه استهلك الوديعة في حال فساده ولم يكن ضامنا ابدا في قول محمد رحمه الله أما في قول أبى يوسف رحمه الله هو ضامن فكذلك هنا وأصل الخلاف في الذي لم يبلغ إذا أودعه رجل مالا واستهلكه وعلل في هذا بما علل به هناك فقال لان رب المال هو الذي سلطه على ماله حين دفعه إليه وإذا أودع المحجور عليه غلاما أو جارية فقتله خطأ كانت قيمته على عاقلته لان الحجر في الأفعال لا يتحقق فالأفعال حسية تحققها بوجودها وأصله في الصبي إذا أودع غلاما أو جارية فقتله قال فان أقر المحجور بذلك لم يلزمه ما دام محجورا عليه لان قوله هدر في التزام المال بنفسه أو الالزام على عاقلته فان صلح فيسئل عما كان أقر به فان أقر به في حال صلاحه أخذت منه القيمة من ماله في ثلاث سنين من يوم يقضى عليه لان باقراره في حال صلاحه يظهر هذا الفعل في حقه فيكون بمنزلة الظاهر بالمعاينة في حقه وهو لم يظهر في حق عاقلته لكونه متهما في حقهم فتكون القيمة عليه في ماله مؤجلا لأنها وجبت بفعل القتل وابتدأ بالأجل من حين يقضى عليه لأنه صار دينا الآن والأجل يكون في الدين وهذا بخلاف الصبي فإنه غير مخاطب ولا يلزمه من الدية شئ من موجب جنايته إذا كان عمدا فكذلك إذا كان هو خطأ فهو وان أقر عند البلوغ فإنما أقر على عاقلته وذلك لا يلزمه شيئا فأما المحجور عليه فمخاطب ولو كان فعله عمدا كان هو كالرشيد في موجبه فكذلك إذا كان خطأ يكون هو كالرشيد في أن الدية عليه ثم تتحمله العاقلة عنه للتخفيف عليه وإذا أقر بعد ما صلح فإنما يظهر باقراره في حقه دون عاقلته فلهذا كانت القيمة عليه في ماله ولو أقر المحجور
(١٧٧)