ثم لا يمنع من أداء ما لزمه شرعا ويعطى ما يحتاج إليه كالزاد والراحلة لان ذلك من أصول حوائجه وان أراد عمرة واحدة لم يمنع منها أيضا استحسانا وفى القياس لا يعطى نفقة السفر لذلك لأن العمرة عندنا تطوع كما لو أراد الخروج للحج تطوعا بعد ما حج حجة الاسلام ولكنه استحسن لاختلاف العلماء في فريضة العمرة وتعارض الاخبار في ذلك ولظاهر قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فهذا منه أخذ بالاحتياط في أمر الدين وهو من جملة النظر له ليس من التبذير في شئ وان أراد أن يقرن عمرة وحجا وسوق بدنة لم يمنع من ذلك لان القران فضل عندنا وإذا لم يكن هو ممنوعا من انشاء سفر لأداء كل واحد من النسكين فلأن لا يمنع من الجمع بينهما في سفر أولى ثم القارن يلزمه هدى ويجزيه فيه الشاة عندنا ولكن البدنة فيه أفضل وقد اختلف العملاء من السلف في ذلك فكان أبن عمر رضي الله عنه يقول لا يجزيه الا بقرة أو جزور فهو حين ساق البدنة قد قصد به التحرز عن موضع الخلاف وأخذ بالاحتياط في أمر الدين وأراد أن يكون فعله أقرب إلى موافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن في سوق البدنة من معنى الفساد شئ فان أراد الخروج لأداء ذلك نظر الحاكم إلى ثقة من يريد الخروج إلى مكة فيدفع إليه ما يكفي المحجور عليه للكراء والنفقة والهدى فيلي ذلك الرجل النفقة عليه وما أراد من الهدى وغيره بأمر المحجور عليه ولا يدفع إلى المحجور عليه شيئا من ذلك المال مخافة أن يتلفه في شهوات نفسه ثم يقول ضاع منى فأعطوني مثله وهذا لأنه في حالة الحضر كان ماله في يد وليه ينفق عليه منه بحسب حاجته وإذا ولاه القاضي ذلك كان هو بمنزلة وليه في الهدى ولا بد من اعتبار أمره ونيته لمعنى القربة فاما أن يباشره الولي بأمره أن يدفع إليه ليباشر بحضرته ما يحق عليه مباشرته فان اصطاد في احرامه صيد أو حلق رأسه من أذى أو صنع شيئا يجب فيه الصوم أمره بان يصوم لذلك ولم يعط من ماله لما صنع شيئا لان وجوب هذا بسبب من جهته وأصل ذلك السبب جناية فلا يستحق باعتبار النظر فيؤمر بالصوم لذلك حتى يكون ذلك زجرا عن السفه فان رأى الحاكم أن يأمر الرجل ان ابتلى بأذى في رأسه أو أصابه وجع احتاج فيه إلى لبس قميص أو غير ذلك أن يذبح عنه أو يتصدق لم يكن بهذا بأس لأنه هذا من النظر له عند حاجته ولهذا جوز الشرع ذلك للمضطر فلا بأس بأن ينظر القاضي له في ذلك فيأمره بالأداء من ماله عند حاجته ولكن لا يفعله الوكيل الا بأمر المحجور عليه لمعنى القربة فيه فان الولاية الثابتة عليه لوليه لم تكن باختياره والعبادة
(١٧٢)